عمر الشريف

نهاجر لبلاد الغير وما خفى أعظم

[JUSTIFY]
نهاجر لبلاد الغير وما خفى أعظم

فى الآونه الاخيرة كثرة هجرة الخبرات السودانية العلمية والعملية وخاصه العمالية منها . بينما الهجرة قبل الاربعون عاما كانت محدودة ونادرة لخارج السودان ، حيث كان سابقا أغلبها تقتصر على الهجرة الداخلية وهى هجرة اهلنا فى الشمال الى الوسط والغرب والجنوب بغرض التجارة والعمل وذلك لطبيعة الشمال . وعندما عم الجفاف والازداد التصحر فى الغرب اصبحت الهجرة الى الوسط وبعض مناطق الشمال وعرف الوسط بالاستقراره لوجود التنمية التى تسمى تنمية فى ذلك الوقت أى قبل عشرون عاما . كان نادرا أن تجد دكتورا او محاضرا يهاجر خارج الوطن سوى من أراد زيادة المعرفة ومواصلة دراسته العليا أو وجد وظيفة مرموقة فى الدول الاروبية .
خلال العشرون عاما الماضية اصبح كل سودانى يتمنى الهجرة بأى ثمن ومهما كانت سلبياتها ليشرد من غلاء المعيشة وقلة فرص العمل وظروف الحياة الصعبة للغاية وضرائب الحكومة المستمره الى جحيم الغربة ومخاطرها وسلبياتها الكثيرة . لكنه لا يشعر بذلك عندما يستلم راتبه بعمله أخرى وأعلى من عملة وطنه. لقد ترك الطبيب علاج أهله ليعالج غيرهم وترك المعلم تعليم أبناء وطنه ليعلم أبناء غيرهم وترك الزراعى أرضه ليزرع أرضا لم تكن أرضه وترك العامل عمله ليعمل لغيره وترك الراعى مواشيه ليرعى مواشى غيره وهم يشعرون بالندم ويحسون بالمهانه والمذلة لكن لا سبيل لهم سوى الصبر. أصبح من يهاجر ليس له هدف يريد تحقيقه ليعود بعد سنين معدودة وقد حقق هدفه كغيره من الجنسيات التى تهاجر خارج بلدانها ، ليس لانهم لا يعرفون الاهداف والتطلعات لكن لتداخل الالتزامات وفشل السياسات التى تجعلهم كلما اقترب تحقيق هدفهم تهدمه الظروف والسياسات ليعيد بناءه من جديد على حساب صحته وعمره وأهله .
الغريب فى الأمر نشاهد أصحاب الأموال يحفظون أموالهم فى بنوك خارجية بينما بنوك وطنهم مفلسه وتبحث عن العملة الصعبة بالفوائد وبعضهم يستثمرون خارج وطنهم والغرباء يأتوا ليستثمروا فى وطننا . نلاحظ منافذ المغادرة ممتلئة بالمغادرين بينما نفس المنافذ ممتلئة بالقادمين من غير أبناء الوطن . أعداد العمالة والمستثمرين من غير المواطنين أصبحت فى إزدياد حتى أصبحنا نرى العاصمة جلها من مواطنى دول إفريقية أو أسيوية ولم ننتبه لتلك المخاطر من تواجدهم وكثرتهم . لقد إشتكت دول الخليج من بعض الجنسيات المتواجد فى بلدانها لما سببته من سلبيات انعكس على مجتمعها وأرضها وإقتصادها ولكن نحن لم نستفيد من تلك النتائج المجانية الحقيقية ذات التجربة والخبرة الطويلة . الاراضى التى منحت للمستثمرين من شمال الوادى والتسهيلات والدعم الذى قدم لهم لم يقابله رد فعل موازى له لينعكس على العلاقات الشعبية والجيرة الحدودية لكن دولتهم قابلت الاحسان بالإساءه وقابلت الطيبة بالمكر والخديعة ، كذلك الهجرة الاثيوبية التى نعلم مخاطرها على المجتمع والاسر وخاصه على شبابنا وهى فى إزدياد وليس ببعيد مخاطر التواجد الاسيوى وخاصة العمالة البنغلاديشيه .
الاستثمار الحقيقى الذى يعود علينا بالفائدة هو الاستثمار الخليجى والأروبى لاننا نستفيد من تواجدنا فى بلدانهم ومن استثمارهم فى توظيف شبابنا وتنمية وطننا ودعم خزينة دولتنا وإستقرار إقتصادنا بمشاء الله .
لكن السؤال هنا لماذا نهاجر لغيرنا ليهاجر أخرون لنا . هل نحن شعب لا يعرف أن ينتج ويعمل فى وطنه أم العمل فى وطننا عيب أم سياستنا هى التى طردتنا أم نريد أن نثبت أننا كسولين فى وطننا ونشطين فى بلاد غيرنا . ماذا قدمت لنا الحكومات لكى نستقر ونستثمر وبماذا دعمت تجارنا ليحفظوا أموالهم ويستثمروها فى وطنهم وبماذا شجعت خبرات وكفاءات مواطنيها لتطور بها وطننا . لكننا مازلنا ننتظر الاجابة عن الأجنبى مهندس البرمجيات الذى حول ملايين الدولارات خارج الوطن عن طريق القنوات الرسمية والاجراءات المتبعة دوليا . تلك هى فوائد العنصر الخارجى لوطننا وما أخفى أعظم فى خطوطنا الجوية السودانية وغيرها.
[/JUSTIFY] [EMAIL] alsharif12@hotmail.com[/EMAIL]