احمد دندش

محمود…(إستنساخ) مرفوض.!


كثيراً ماتصيبني (الحيرة) وانا اشاهد محاولات مستميتة لعدد من الفنانين الشباب وهم يحاولون (تقليد) الفنان الراحل محمود عبد العزيز في كل شئ، حتى في (سلوكياته) التى كان يقوم بها، وذلك امر غريب جداً، فالقاعدة الثابتة التى تحكم الوسط الفني منذ سنوات تؤكد بأنه لايوجد مقعد شاغر لـ(المقلداتية)، بينما تتوفر البراحات والمساحات لاصحاب التجارب الجديدة.
مااود الحديث عنه هاهنا ليس تقليد الراحل محمود في طريقة الغناء او اختيارات الكلمات او حتى في (الملابس واللوك)، وانما تقليد الراحل في بعض (السلوكيات السلبية) التى كان ينتهجها في بعض تفاصيل حياته ومن بينها غيابه عن الحضور في الكثير من الحفلات الجماهيرية المعلنة، الامر الذى كان يسبب الكثير من الفوضى والغضب والذى كانت تدفع ثمنه آنذاك المسارح المختلفة في العاصمة.
مااستحضرتني اليوم لكتابة هذا المقال، هو ملاحظتي المستمرة لتكرار عدد من الفنانين الشباب لذلك السلوك الذى كان يقوم به محمود احياناً، ذلك الامر الذى يجعل الحضور في مثل تلك المناسبات يتهامسون بسخرية: (هو الفنان دا ماجاء مالو..؟..دا عامل فيها حوتة ولاشنو.؟)، وهو نفس ذلك (الهمس) الذى استمعت اليه بالصدفة خلال زيارتي امس الاول لـ(كافي سودان) الذى يحتضن جلسات طرب اختير لها اسم (الجمعة في شمبات)، حيث سخرّ الكثيرون من غياب الفنان الشاب فتحي السمري عن الحضور في تلك الامسية -بالرغم من الاعلان المسبق عن حضوره-.!
واسم السمري هاهنا اوردناه على سبيل المثال لا الحصر، فهناك العشرات من الفنانين الشباب يحاولون تقليد محمود حتى في (الاخطاء) التى ارتكبها في مشواره الفني وتلك (كارثة حقيقية) سيدفعون ثمنها غالياً، فهم في كل الاحوال تجاوزوا عن الكثير من الجزئيات، اهمها ان محمود عبد العزيز نفسه كان حالة (استثنائية) وكان (ظاهرة فنية) اكثر من كونه مجرد مطرب يصعد على المسرح ليغني.
يتجاوز عشرات الفنانين كل ذلك، ويحاولون تقليد محمود بشتى السبل، وآخرها تقليده في الحضور المتأخر او-اللا حضور- للحفلات، متناسين ان (حوتة) فوق المقارنات، على الاقل لأنه كان يمتلك جمهوراً له مقدرة غير عادية على تجاوز اخطاءه والهتاف بصوت واحد: (مابنطيق لي غيرو نسمع)، فهل هناك جمهور اي فنان شاب يمتلك نفس هذه المؤهلات..؟
شربكة أخيرة:
(تقليد) الراحل محمود عبد العزيز امر صعب، بل هو مستحيل، فذاك الشاب شكلته الكثير من الظروف والمعاناة والدموع والعفوية والموهبة، تلك العوامل التى اجتمعت كلها في شخصية واحدة، يبقى من الصعب جداً تكرارها او حتى محاولة (استنساخها).