حسين خوجلي

أشيــــاء للذكـــــرى..!


< عندما يسقط الفرنسيون في الانتخابات يحملون لغريمهم الأزاهير ويذهبون للحدائق العامة والنوافير لممارسة النقد الذاتي.. وعندما يسقط السودانيون في الانتخابات يحملون لغريمهم الوعيد ويذهبون للأحراش والمستنقعات لممارسة القتل الذاتي. < عندما تأخذ السياسة أستاذاً جامعياً ويُبعد في أقرب تشكيل وزاري لا يرجع للجامعة مرة أخرى بل يظل طيلة الوقت يتصيد متخذي القرار والإفادة على الأرض (أنه غير متوفر لا في الجامعة ولا في الجامع). < عندما اقترب من السبعين واجهها بشجاعة ترك للأبناء كل المال الذي جمعه بكده وكدحه ومواهبه وتوفيق الخالق صارت له غرفة صغيرة ومكتبة وبوتغاز للقهوة وحزمة من الأصدقاء القدامى مع وصيته وبعض المال حتى لا يمد يده لأبنائه سائلاً عن الذي تركه لهم اختياراً. < عندما سافرت لمعرض دمشق للكتاب قابلت في حديقة الشقة عصفورة وحيدة فسألتها عن رفيقتها الدمشقية فقالت بلغة الطير الذي اجتهدت في تأويله عندما عادت الى عشها الملائكي حاملة طعام الإفطار لصغارها من (زغب الحواصل) في منقارها الملوّن المجهد لم تجدهم المسكينة فظنت أن شخصاً ما قد سرقهم أثناء غيابها المرهق في سبيل الرزق (القاسي)، أخذت المسكينة تبحث عنهم في كل مكان وهي تملأ الأفق بالبكاء والصراخ الممض وكانت أصداء نداءاتها اليائسات تسمع في كل نواحي الغابة ولا أحد يعزي أو يجيب، وذات يوم قال لها أحد العنادل الأفاضل من أهل (النصيحة) وهو يتلفّت يمنة ويسرة خوفاً من الدرك والبوليس الحربي أنني رأيت صغارك فوق منزل الفلاح فلم تصدق ورغم قلة الحيلة هبطت على السقف لم يكن أحد هناك.. نزلت الى الجرن كان خاوياً.. ولكن عصفورتنا المنكوبة لمحت وهي ترفع رأسها خارج النافذة قفصاً لقد كان صغارها سجناء بداخله. وعندما شاهدوها متعلِّقة بقضبان القفص أخذوا يزقزون في حرارة طالبين منها أن تحملهم بعيد بعيداً.. وحاولت المسكينة أن تحطم بمنقارها وساقيها حواجز السجن.. لكن كل محاولاتها باءت بالفشل وذهبت أدراج الرياح. حينئذ تركتهم وسط نحيب طويل وشديد وعاودت العصفورة محاولاتها اليائسة في اليوم الثاني ولكنها أيضاً أخفقت في أن تجد كوة لاطلاق سراح صغارها وعادت في اليوم الثالث ونظرت لهم عميقاً من خلف الحواجز وأدمعت فرأوا دموعها فبكوا ولم تنسَ واجبها، فقد أطعمتهم واحداً واحداً للمرة الأخيرة وفي الحقيقة لم يكن طعاماً لقد كان عشباً ساماً وهكذا لقيت الطيور الصغيرة حتفها، قالت في صبر وشجاعة من الأفضل أن يموتوا بدلاً من أن يفقدوا حريتهم فما معنى الحياة الحقيرة في حضرة العبودية ومشيئة السجان. الغريبة أنني شاهدت في احدى الجنائز التي تقود تظاهرة الغضبة جثمان العصفورة التي أخبرتني بالحكاية بعد أن قرر الأسد قتل كل الشهود والعصفورة الماضية والحاضرة والقادمة. < هناك تعريف غريب للبحر غير الذي كان يتداوله المهندس إيلا مع أعضاء حكومته بالبحر الأحمر مفاده: كل من يطفو لا يحب البحر أن يؤتى كشيء قد فرغنا منه لا يعجبه اطمئنان قبطان لرد فعل من جانبه لا يحب البحر أن يأمنه كل من يطفو على موجاته الحلوة أو ينسى ولو حتى للحظة أن ما يكتمه في صمته جزء من البحر كذلك ولهذا اخترع البحر لمن يستهينون به فكرة مألوفة جداً ولا أبسط منها الغرق..! < أصدقاء سهل البطانة يرسلون لنا السمن والعسل والنبتة والنمة والنشيد ومعرفة الحسب والنسب والسهول والهضاب والريل الصريح والمخبوء، وقد زارني أحد أصحاب الهدايا مع مجادعة فتهللت بعاجل العسل وآجل الدوبيت. فقد قال شيخ علي كريز صاحب دهب الخزانة: بيتاي قولو ألماً من الضمير اتربّى زادو الليلة نسّام الدعاش الهبّا قول لي لتيبة الوادي أم هطيلاً صبّا قلبي الفارقك فارق يقينو وغبّا فرد بيتاي: قطع أخدر (وهو على البدوي ود الضو النابي المشهور بـ(بيتاي) كريز مالك عليهو الفي دواخلي مخبّأ حرّكتو ورجع فاضي الصبابة معبّا البي ليمو ختّات الودع ما اتنبّا مالي العين جمالو ومالي قلبي محبّة ورد علي كريز: رغم العدّى من سنوات وكل الوّلى تسعة سنين مضت من العذاب ما اتدلّى وحاة طرفاً بشوفو بلا دلال اتحلّى ميثاقي المعاك أنا منو ما بتخلّى < يا الشوقك سبق فجر الغرام الولّى خيل ريدك مسويّة في ضميري متلّه مهما ألقى حِنك للبريدو قلّ حياتي بدون عيونك صدقيني مذلّه وانضم للمجموعة بابكر أحمد عوض الكريم أبوسن: رفيع ذوقك وشخصك بالجمال اتملّى الشافك ريقو في عسل السعود انبلّ الخلى العيون فارق غميده وولّى الحظ نجمو غرّب وانت نجمك هلّ أرجو من الأخ محمد الفاتح أبوعاقلة أن يقرأ هذا النص بكل تعقيداته السهلة على الأخ زكريا حامد والأخ نبيل غالي توسعةً لتيارات الثقافة العالمية.