محمد عبد القادر : المُــوازنة والناس.. البحـث عن (حَـنان الحكـومة)!!
الاقتراب من (معاش الناس) مثّل العنوان الرئيس للمُوازنة الحالية، لم أجد سبباً لـ (تصفيق النواب) سوى إحساسهم بأنّ مُوازنة بدر الدين استجابت لهُموم المُواطن اليومية.
(قُفة الملاح) أو (الكيس) ينبغي أن تُؤسّس لإستراتيجيات الدولة الكبيرة في المرحلة المُقبلة، مُعاناة المُواطن في الحصول على اللقمة والمياه النظيفة والخدمات الأساسية في الصحة والتعليم لابد أن تكون الشغل الشاغل لعقل الحكومة في مَسعَاهَا الأكــيد لمُخاطبة احتياجات الناس في 2015.
بصراحة تَحَــدّث وزير المالية بترتيب مُفيد في مؤتمره الصحفي أمس الأول، أبرز مَا خَــرَجَ به المواطن ذلكم الانطباع الحميد حول طريقة تفكير الدولة في شؤون الناس، الأهداف العليا المُتمثلة في خفض مُعَــدّلات الفقر والبطالة وزيادة القدرات الإنتاجية وتوفير الأمن الغذائي وزيادة الدعم الاجتماعي والاهتمام بالخدمات كلها أهدافٌ تمثل ما يتفق عليه أهل السودان وما يحتاجونه في المرحلة المُقبلة.
إجازة المُوازنة في ظل ظروف سياسيّة واقتصاديّة ضاغطة بعيداً عن وجود زيادات في الأسعار والرسوم ودون الإعلان عن رفع للدعم كلها غايات تُبشِّر المُواطنين وتشيع قدراً من الاطمئنان لوجود (حنان حكومي) فائق في التعاطي مع واقع الناس ومُشكلات المُواطنين.
مَا يَهمنا في المُوازنة المُجَازة وأية مُوازنة قادمة الاقتراب من قضايا الناس وتأمين معاشهم واحتياجاتهم الأساسية، وطالما حَافظت الدولة على تلك المَبادئ استجابةً للظروف التي يُعايشها المُواطنون وبتوظيف المُتغيِّرات المَاثلة في السوق العالمي نظراً لانخفاض أسعار بعض السلع، فإنّ الأمل يظل قائماً في قدرة الدولة على إعانة المُواطن حتى يَتَجَاوز مَطَبّـات الحياة اليومية ويتصدى للالتزامات المُلحة بعيداً عن الضنك والكد والمُعاناة التي يلاقيها الآن في سبيل الحصول على الاحتياجات الأساسية.
المُطمئن في المُوازنة الحالية قول وزير المالية إنّ إعدادها تَــمّ بناءً على الأرقام التي تحققت في العام الحالي، وإنها بُنيت على مُرتكزات تستلهم نتائج التجربة بالضرورة وركّزت على تَعزيز الحماية الاجتماعية وإحداث تَوازن في الميزان التجاري من خلال زيادة الصّادرات وتقليل الواردات، والمُهم أنّ بناء أرقام المُوازنة على تجربة العام الحالي تتيح قدراً من التعامل مَع مُعطيات واقعية بعيداً عن التقديرات الجزافية والمُفاجآت غير المُتوقّعة وفي هذا ضامنٌ حقيقيٌّ لتفادي أية كبوات اقتصادية تُفاجئ المُوازنة وتجعل من أرقامها عُرضةً للضياع في مرحــلة التنفيذ.
سَيظل أيِّ حديث عن عافية الاقتصاد السوداني حتى الآن مَحل تشكيك بالتأكيد ما لم يستشعر (محمّد أحمد) هذه العافية في جيبه، وما لم تُؤدِ لانخفاض الأسعار وتراجع سعر الصرف الذي بَاتَ يُهَدِّد الحكومة أكثر من الحركات المسلحة ومُخَطّطات الجبهة الثورية، فقد أعيا تصاعد الدولار (الطبيب المُـــدَاويا) ولا أعني (الطبيب النفسي) بالتأكيد، بل أقصد علماءنا الاقتصاديين الذين فشلوا حتى الآن في كبح جماح سعر الدولار.
سَـــعَادة وزير المالية، لقد كفيتم ووفيتم وأعددتم مُوازنة نثق تماماً في انحيازها للناس ومُراعاتها لكثير من الظروف التي تُحاصر السودانيين وننتظر مزيداً من (حنان الدولة) في مَــراحل التنفيذ وحراسة ما تمّت إجازته بالورقة والقلم، و(الحساب ولد).