تحقيقات وتقارير

استثماراتهم في أربع دول تتجاوز العشرين مليار دولار المستثمرون السودانيون بالخارج.. حالة هروب

“رغم مخاطر الأوضاع الأمنية إلا أن ظروف الاستثمار هنا تعد افضل من تلك الموجودة في السودان”، بهذه الكلمات التي ربما كانت صادمة بعض الشيء ، بدأ مستثمر وطني حديثه معنا، وقال إن اختياره دولة جنوب السودان “حديثة النشأة” جاء من واقع أن سوقها واعد بالإضافة الى عدم وجود تعقيدات أمام المستثمرين الأجانب، وما جهر به هذا المستثمر سبقه إليه أصحاب أموال سودانيين كثر اختاروا استثمارها في دول أخرى، في مفارقة قد تبدو غريبة لجهة أن الدولة ظلت تعمل على جذب المستثمرين الأجانب، فهل اختيار هذه الأموال المقدرة دولاً اخرى أمر طبيعي في الاقتصاد أم إن ظروفاً أجبرت اصحابها على الهرب بها بحثاً عن أوضاع آمنة ومشجعة للاستثمار، وهل تنطبق على هذه الاستثمارات الوطنية خارج البلد مقولة “إن رأس المال جبان” أم الضرورة فرضت ذلك.
تحقيق:صديق رمضان
محمد مستثمر سوداني لم يصل بعد عتبة الأربعين من عمره اختار التوجه جنوباً حيث الدولة الوليدة التي انفصلت من السودان الكبير، وذلك لطرق أبواب جديدة في العمل التجاري، ويشير الى أنه حتى العام 2012 كان يستثمر أمواله في الزراعة والاستيراد بالسودان، إلا أنه ونتيجة لتعرضه لخسائر بالإضافة إلى تراجع العملة الوطنية أمام الدولار، علاوة على ما اعتبرها تعقيدات حكومية إدارية أبرزها الرسوم الكثيرة التي تنالها مستويات الحكم الفدرالي المختلفة، فضل تصفية أعماله بالخرطوم والجزيرة والتوجه صوب جوبا التي كانت قبل اندلاع الحرب الأهلية في دولة الجنوب وجهة مفضلة لأصحاب المال خاصة من أولئك الذين يصنفون بأنهم من دول القرن الأفريقي، ويقول إنه اختار الاستثمار في عدد من المجالات بجوبا منها الاستيراد، ويعتبر أنه محظوظ لأنه ذهب قبل اندلاع الحرب الداخلية بالدولة الوليدة وأن هذا ساعده في انشاء علاقات واسعة اسهمت في ازدهار نشاطه التجاري، واصفاً السوق الجنوبي بالواعد، مؤكدًا على وجود منافسة اعتبرها شرسة بين مستثمرين أجانب قادمين من دولة أفريقية مختلفة مثل يوغندا، كينيا وإثيوبيا والصومال، وكشف عن وجود عدد مقدر من المستثمرين السودانيين بالجنوب وعلى رأسهم رئيس نادي الهلال أشرف الكاردينال والقيادي بحزب الأمة مبارك الفاضل، ونفى معرفته بحجم الأموال السودانية المستثمرة بدولة الجنوب، إلا أنه أكد وجود عدد كبير من شركات الإنشاءات ومستثمرين في مجالات مختلفة، مقدرًا المبلغ المستثمر بمليار دولار على أقل تقدير.
وكان سفير جمهورية جنوب السودان بالخرطوم ميان دوت وول قد دعا القطاع الخاص السوداني للمساهمة في دعم وتطوير العلاقات الثنائية في دولة الجنوب، وأكد ميان، تقديم كل الدعم الممكن لتوثيق العلاقات التجارية بين البلدين وتسهيل حركة رجال الأعمال والأنشطة الاستثمارية بدولة الجنوب، داعياً القطاع الخاص السوداني للاستفادة من الفرص التجارية المتاحة بأسواق الجنوب، مشيرًا إلى أن دولته استوردت ما قيمته «1.8» مليار دولار من السلع والمواد الغذائية خلال عام واحد، وأضاف أن دولة الجنوب يمكن أن تصبح معبرًا للسلع والبضائع التجارية من السودان إلى دول الجوار الإفريقي، وأبان أن الروابط المشتركة من حدود مشتركة وتوافر وسائل النقل البري والنهري والجوي والسكك الحديدية ورغبات المستهلك بدولة الجنوب تعتبر محفزًا لخلق علاقات تجارية مميزة.
الإمارات على الخط
إذا كان وجود مستثمرين سودانيين بدولة جنوب السودان يعتبر أمرًا عاديًا لجهة العلاقات الأزلية بين الشعبين بالإضافة إلى جوارها للسودان، فإن بحث رجال المال السودانيين عن مناخات استثمارية جيدة تسهم في زيادة مداخيلهم وتنعدم فيها البيروقراطية والممارسات الإدارية التي يعتبرها البعض ترقى لدرجة التجاوزات، جعل بعضهم يتجه صوب دول الخليج التي يوجد بها نشاط تجاري سوداني جيد خاصة في الإمارات التي باتت جاذبة لرؤوس الأموال السودانية في عدد من المجالات منها العقارات وأنواع أخرى من الاستثمارات، ووضح هذا جلياً من ما كشفه أخيراً مسؤول إماراتي عن تزايد عدد المستثمرين السودانيين في إمارة رأس الخيمة إلى 112 رخصة مستثمر وشريك،، وقال إن عدد الرخص ارتفع في الربع الثالث من العام الجاري بنسبة 26% مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي، هذا ما جاء على لسان مدير عام دائرة التنمية الاقتصادية في رأس الخيمة الدكتور عبد الرحمن الشايب النقبي، الذي بدا سعيداً وهو يشير الى
استحداث نظام يتيح إمكانية الترخيص من سلطة المنطقة الحرة ومن دائرة التنمية الاقتصادية بشروط تختلف عن الشروط الاعتيادية وقال إن المنطقة الحرة في الإمارة تعفي المستثمرين من الضرائب بنسبة 100%.
من جانبه أشار مدير إدارة الشؤون التجارية في الدائرة محمد المحمود إلى أن إمكانية التعاون بين الجهتين تأتي نتيجة لتزايد عدد المستثمرين من مواطني السودان، وحديث الرجلين مقروناً بأخبار تؤكد أن عدد السمتثمرين السودانيين في إمارتي دبي وأبوظبي في ارتفاع خاصة في مجال العقارات، يوضح توفر عوامل جذب أمام أصحاب المال من السودانيين بحثوا عنها في السودان ولم يجدوها لجهة أن مجالات الاستثمار في أرض النيلين لا حصر لها غير أن الكثيرين يرمون باللائمة على سياسة الدولة التي يعتبرونها السبب المباشر في هروب رأس المال الوطني.
أثيوبيا تفتح أذرعها
يوصف مناخ الاستثمار بدولة أثيوبيا بالجيد على نطاق القارة الأفريقية ورغم قلة موارد هذه الدولة العريقة إلا أنها نجحت في جذب رقم مقدر من رأس المال الوطني السوداني نحو أسواقها لتسهم في تحريك اقتصادها، وحسب آخر إحصائية فقد بلغ عدد المستثمرين السودانيين في دولة أثيوبيا (800) مستثمر يعملون في مختلف المجالات الاستثمارية برأس مال بلغ أربعة مليارات دولار، ويأتي ترتيب المستثمرين السودانيين في أثيوبيا في المرتبة الثانية بعد الصينيين، ويحتل الاستثمار السوداني المرتبة السابعة من حيث رأس المال الأجنبي المستمثر.
وإجراءات وضوابط الاستثمار في أثيوبيا وحتى يتمكن المستثمر من الحصول على رخصة لمزاولة النشاط الاستثماري لابد أن يكون رأس ماله (200) ألف دولار يتم توريدها بعد فتح حساب في أحد البنوك الإثيوبية بعدها يتم منح المستثمر رخصة مبدئية لمدة عام للقيام بالإعداد والتجهيز للمشروع الذي ينوي الاستثمار فيه واستجلاب المعدات والآليات، بعد ذلك تسجل سلطات الاستثمار زيارة الى الموقع أو المصنع للوقوف على مدى الالتزام بالضوابط وإذا وجدوا أن المستثمر مستوفٍ للشروط يتم منحه الرخصة النهائية.
ويقول رئيس جمعية المستثمرين السودانيين بأثيوبيا عوض الكريم سعيد حسن: أثيوبيا بلد جاد في أي عمل وليست به مجاملة أو محاباة.. الناس جميعهم سواسية أمام القانون وهناك تشجيع للمستثمر الأجنبي من خلال تقديم تسهيلات ومحفزات لولوج مجالات الاستثمار وتتمثل في إعفاء كل المعدات والآليات المستخدمة في التصنيع والإنتاج من الجمارك، كما أن كل الإجراءات الخاصة بالمستثمر تتم من خلال نافذة واحدة وبدون تعقيدات ويمكن استلام الرخصة الاستثمارية في يوم واحد إذا كانت المستندات مكتملة، ويعمل المستثمر السوداني في مختلف المجالات الاستثمارية في الصناعات المختلفة والزراعة بشقيها النباتي والحيواني والخدمات والمقاولات والحفريات والتعدين وغيرها.
ماليزيا.. وجود مؤثر
ولم يتوقف المستثمرون السودانيون على الدول الأفريقية والعربية، فإذا اتخذنا دولة الجنوب واثيوبيا والإمارات مثالاً فإنهم ينتشرون في دول أخرى، ولكن اللافت في الأمر وجود مستثمرين سودانيين في عدد من دول القارة الآسيوية وعلى رأسها الصين، غير أن نصيب ماليزيا من الأموال السودانية كان كبيراً وذلك بحسب صحيفة (استرايج تايم نيوز) الماليزية التي أشارت في ملحقها الاقتصادي الى أن استثمارات السودانيين فى ماليزيا تعد من الاستثمارات المهمة وتمثل حوالي 7% من رأس المال الأجنبي المستثمر في ماليزيا، وتبلغ الاستثمارات السودانية حسبما أوردت الصحيفة أكثر من (13) مليار دولار لسودانيين تستثمر في العديد من المشاريع أغلبيتها في مؤسسات البترول والصناعات التحويلية والعقارات وغيرها من الاستثمارات المختلفة، وهذا يعني أيضاً أن رأس المال السوداني طرق أبواب الاستثمار في دول أخرى وجد فيها ما افتقده في بلاده.
بيئة طاردة
في تعليقه على هذا الموضوع يشير وزير المالية الأسبق بولاية القضارف والخبير الاقتصادي، معتصم هارون، الى أن الاستثمار يعتبر بيئة جاذبة في المقام الأول، ويلفت في حديث الى الصيحة الى أن أبرزعوامل الجذب الاستثماري تتمثل في توفر الأمن، الاستقرار الاقتصادي، ثبات سعر الصرف ومعدل التضخم، وتوفر المقومات الأخرى مثل الطرق والكهرباء والمياه، هذا الى جانب سهولة الإجراءات ووجود رؤى واضحة، وضرب مثلاً بدولة إثيوبيا التي أرجع جذبها لرؤوس الأموال السودانية الى سهولة ومرونة قوانينها وإجراءاتها حيث يمكن وخلال 24 ساعة للمستثمر الأجنبي أن يؤسس شركة، وقال إن الرؤية الاستثمارية الإثيوبية تتبدى جلياً في التسهيلات الكبيرة التي تقدم لمن يريد الاستثمار في الريف، لافتًا الى أن فشل السودان في استقطاب رؤوس أموال أجنبية يعود إلى أن البيئة غير جاذبة ولعدم وجود ضمانات لقيام المشروع في وقت وجيز وتحويل الأرباح إلى الخارج، ويؤكد أن الاستثمار في السودان رغم توفر المقومات الطبيعية لم يصب النجاح المأمول وذلك لأن القضية أكبر من سن قوانين، ويتحدى إذا كان الأمر بخلاف ذلك أن يخرج محافظ بنك السودان ويعلن على الملأ العملة الحرة التي ضخها المستثمرون الأجانب في خزانة الدولة، وينفي عدم وجود استثماري وطني حقيقي ويصف ما يحدث بالمضاربات، ويفسر وجود عدد مقدر من المستثمرين الوطنيين خارج البلاد بنجاح الدول التي احتضنتهم في توفير مناخات استثمار جاذبة.
تقلبات وعدم ثبات
وعلى طريق معتصم هارون يمضي الخبير الاقتصادي كبج، الذي يشير في حديث لـ(الصيحة) الى أن الأوضاع في البلاد تبدو غير مشجعة للاستثمار، ونتاجاً لهذا كان طبيعياً أن يبحث سودانيون يملكون أموالاً عن استثمارها خارج البلاد، وأردف: لا يوجد استقرار في البلاد وأعتقد أن الحرب لها دور كبير في عدم إقبال مستثمرين أجانب بالإضافة الى هروب الوطنيين بأموالهم خارج البلاد، وكل دولة تكون في حالة حرب فإن سياستها تأتي متقلبة وغير ثابتة جراء الصرف على الحرب، ويقول كبج إن الحكومة الحالية أضاعت فرصة لا تعوض وذلك حينما بددت سبعين مليار دولار عادت من أموال البترول، وقال إذا تم توجيهها نحو البنية التحتية لتحول السودان إلى أكثر الدول جذباً للاستثمار ولما فكر رجل أعمال سوداني في الهجرة خارج البلاد نحو دول أكثر استقراراً أمنياً واقتصادياً، ويعتبر نقل العديد من رجال الأعمال السودانيين لمصانعهم نحو دول الجوار دليلاً دامغا على أن البيئة لم تعد جاذبة، وأنه في ظل هذا الواقع فطبيعي أن يحجم المال الأجنبي عن الاستثمار بالبلاد، وأردف: ” أهل البلد من أصحاب المال هاجروا لدول أخرى جاذبة فكيف يأتي إلينا المستثمرون الأجانب”.

الصيحة

‫3 تعليقات

  1. والله احسن ليه من بلد بتحكمها عصابة اغلبهم فاسدين وجشعين

  2. المستثمرين في الخارج ثلاثة انواع نوع واحد فقط منهم شىفاء واموالهم حلال وهم الذين هربوا من مفسدة الكيزان لمناخ استثماري معافى
    النوع الثاني كيزان يهربون الاموال للخارج بعيد عن اعين الناس ولتكون في انتظارهم اذا ما انتفض الشعب
    النوع الثالث يهرب اموال البلاد لصالح التنظيم العالمي لاخوان الشياطين باساميهم مثل نافع في ماليزيا وغيرهم
    طبعا النوع الثالث يفعل ايضا كما يفعل النوع الثاني

  3. 99.99999 % من رؤوس الأموال المستثمرة في ماليزيا هي أموال حكومية (أموال شعب )