خالد حسن كسلا : «الصادق» رئيساً للوزراء و «دق القراف»
> موسم العودة إلى الخرطوم من عادوا وسيعودون.. كان الحديث عن عودتهم وكأنه الشيء الذي يمنع رفع الدعم عن السلع الحكومية الأساسية من محروقات ومأكولات.
> وحتى العودة المرتقبة لبعض رؤساء الحركات المتمردة كأنها الشيء الذي سيوقف التمرد في إقليم دارفور.. فالعودة لبعض رؤساء الحركات وليس كلهم.. أي أن الحرب وراء ظهورهم لن تضع أوزارها.
> وحتى لو عادوا جميعهم بفعل ضغوطات الجيش السوداني في الميادين، فإن دول الاستكبار ستنقل البلاد بدعمها المستمر إلى مرحلة حروب جديدة مثلما فعلت مرتين من قبل.
> أما عودة الصادق المهدي التي كأنها ارتبطت بأكسجين الشعب، فإن ابنته ونائبته في الحزب.. ووريثته لزعامة الحزب «لو ما أخاف الكذب».. بعد تعديل لائحة الجمع بين الزعامة والإمامة.. عودته كأنها «عودة نميري إلى الحكم» بعد فشل انقلاب «19» يوليو.
> قالت مريم ابنته إنه سيعود ليتقلد منصب رئيس الوزراء في الحكومة الانتقالية. وهي إذن متفائلة بتشكيل حكومة انتقالية تلغي دورة الحكم الحالية المنتخبة.
> لكن يمكن أن يكون ما قالته مريم من باب التحدي السياسي ضد عمها مبارك المهدي.. فهو هذه الأيام يبذل جهوداً سياسية لتحقيق طموح في قيادة حزب الأمة القومي.. فهو عائد إلى الحزب بعد أن انشق عنه وانضم للحكومة في مرحلتها الثانية.. «حكومة البرنامج الوطني». لكن الآن بحسب كلام مريم فإن الصادق طموحه عظيم في «حكومة الحوار الوطني الانتقالية».. يتطلع لمنصبه القديم .. رئيس وزراء.. لكن بدون تلك الصلاحيات طبعاً وبدون تقلد وزارة الدفاع أيضاً كما كان عام 1986م. أي سيكون رئيساً للوزراء.. إذا صدقت مريم ولم تكن تصريحات لتخطيط سياسي.. على غرار ما كان عام 1968م قبل حكومة نميري. على أية حال البلاد تحتاج إلى عودة الأمن والاستقرار وعودة عافية الجنيه السوداني.. فلو كانت عودة الصادق أو غيره ستفتح الطريق فعلاً لعودة ما تحتاجه البلاد.. ففي هذه الحالة تكون واجبة عليهم من ناحية الدين والأخلاق الوطنية.
> أما لو أنهم يرون أن عودتهم لا علاقة لها بمصالح البلاد المهمة وأنها تخص مصالحهم الشخصية والحزبية.. فإن العودة لا تستحق من الناس ومن الإعلام حجم الاهتمام هذا.
> هي مثل عودة نجم يعرفه الناس لأنه يغني أو يمثل أو يكتب الروايات أو الشعر .. والصادق المهدي إمام طائفة.. ينبغي أن يعود إليها حتى لا يسقط عنه شرط الإمامة للغياب الطويل.
> لكن الصادق يريد الألقاب أكثر من ممارسة الأعمال تحت لافتة الألقاب.. يريد حتى أن يكون رئيساً للوزراء منتخباً من محبي الإمام محمد أحمد المهدي دون أن يمارس صلاحيات المنصب لحماية الديمقراطية ليظل المنصب جسراً لمرور الانقلاب العسكري .. وقد حدث. ومريم تقول لقيادات الحزب إن والدها الصادق المهدي سيعود رئيساً للوزراء في حكومة انتقالية.. والحكومة طبعاً لا تحب عبارة حكومة انتقالية.. فهي عبارة مقرفة جداً عندها.. وتعني لها أن المعارضة تريد الحكم مغنماً ونزهة وتشريفاً فيه «تشريفة».. أو موكب سيارات تتقدمه سيارة النجدة التي تفتح الطريق المختنق بحركة المرور ليصل صاحب التشريفة إلى مكتبه في وقت احتساء القهوة المناسب ويعود إلى بيته في وقت الوجبة دون تأخير.. وفي المساء مشاوير الأنس إلى أقطاب الحكومة.
> أحزاب كأنها شركات مضاربات أو أسهم بورصات.. لم يفهم منها المواطنون شيئاً غير عبارات ممجوجة ولا قدرة على تنفيذها مثل «إسقاط النظام .. و «حكومة انتقالية».. و «انتفاضة شعبية».
> أما حكاية رئيس وزراء هذي.. فهو عند اعتقاله بعد إطاحته من الحكم في «30» يونيو 1989م.. قال للسلطة الجديدة: إنكم تملكون القوة وأنا أملك الشرعية ويمكن أن نتفق على شيء. وكان يقصد أن يستمر رئيساً للوزراء ويحل مجلس قيادة الثورة محل مجلس رأس الدولة.
> لكن ما كان يسع الترابي أن يرتضي بهذا العرض الذي كان يمكن أن يجنب البلاد مشكلات.
> فذهب الصادق بعد الاعتقال مغادراً البلاد في عملية تهتدون ليكون جيش الأمة.. ويقوده ابنه عبد الرحمن.. مساعد الرئيس الحالي.
> وبعد إبعاد الترابي من رئاسة الجهاز التشريعي.. تهيأ الحلم للصادق بأن يعينه رجال الحركة الإسلامية رئيساً للوزراء.. فما عاد الترابي منافساً بعد إبعاده.
> وما فتح شهية الصادق أكثر لهذا المنصب هو تعيين ابنه مساعداً للرئيس.. بغض النظر عن وضعه في الحزب.. فالحزب هو حزب الأب والابنة .. وله حساباته السرية مثل سر عودة الإمام رئيساً لحكومة الإسلاميين.
> فهل سيحدث دمج لحزب الأمة القومي في الحركة الإسلامية لتأهيل الصادق لقيادة حكومتها؟
> أم أن الحكومة تريد أن ترد الجميل للصادق لأنه عين الترابي نائباً لرئيس الوزراء ووزيراً للخارجية أيام حكمه عام 1989م؟
> أما مريم فهل يا ترى ستكون وزيرة دولة بالخارجية أم وزيرة اتحادية للرعاية الاجتماعية؟! هل نقول إن تسريب كلام مريم رغم أنه سر عميق هو في مواجهة تحركات مبارك الفاضل المهدي من باب المثل السوداني القائل: «دق القراف خلي الجمل يخاف».
> إذن ننتظر بماذا سيعلق مبارك على هذا السر المكشوف أو الذي أُريد كشفه.
غداً نلتقي بإذن الله.