احمد المصطفى ابراهيم : ما بعد الخزينة الواحدة!
قدامى الضباط الإداريين يضربون مثلاً أو يستشهدون بخزينة في ميزانية ولاية دارفور في زمن سابق (فرقت معاهم) 5 مليم وكيف ظلوا يبحثون عن هذا الفرق مجندين لذلك خيرة المحاسبين ليجدوا هذا الفرق وإلا ستتعطل كل الميزانية.
قطعاً مبالغة ما بعدها لأن الذي صرف على معالجة الخلل كان كبيراً ولكن (سيستمهم) الإداري لا يقبل أي عيب مالي وإلا هذا مؤشر فشل كبير. (بالله ارجعوا فوق وتأكدوا ان المبلغ هو 5 مليم وليس 5مليارات وإلى الذين لا يعرفون المليم هو عُشر القرش والقرش واحد من مائة من الجنيه).
حكينا الحكاية دي ليه.
في زماننا فلت المال العام وبفعل فاعل أو فاعلين لا يريدون الانضباط بحجة ان القوانين مقيدة وهم يريدون الانطلاق بسرعة لا تحتملها الإجراءات المالية القديمة وصدق من صدق (بأي تشكيل حلوه لو صَدَق أو صدَّق). ورأينا من فنون الانفلات المالي ما يشيب له رأس الجنين وليس الوليد.
بعد أن فلت الانضباط المالي ليواكب سرعة الثوريين في الإنجاز وأطلق من عقاله سار بسرعة الصاروخ ولم يستطع أحد كبحه او اللحاق به.
وطارت السكرة وجاءت الفكرة وبدأت السمكرة. كيف يوقف هذا الانفلات؟ من أحدث المعالجات التي نسمع عنها ما يسمى بالخزينة الواحدة وهي أن يكون الرجل الأول هو القابض على كل المال في الولاية مثلاً يكون كل المال يصب في يد الوالي ولا يصرف قرش الا بعلمه. لا تستطيع بعد كل الذي قرأته وسمعته من تجاوزات مالية (حلوة تجاوزات دي ما تجاوزات دا نهب عديل) وتقارير المراجع العام السنوية والتي ما عادت تدهش أحداً.
لكل ذلك ظهر ما يسمى بالخزينة الواحدة وبالمناسبة كل مستويات الحكم تريد الخزينة ان تنتهي عندها بعض المعتمدين يعطلون كل الوحدات الإدارية ويأمرونها بتوريد كل إيراداتها للمحلية وبعد ذلك تستجدي مال تسييرها قد يقبل أو لا يقبل ، وتطور الأمر أن بعض الولاة يطلبون بحجة الخزينة الواحدة من كل المحليات أن تورد إيراداتها للولاية ولا تصرف قرشاً الا بعد ان تطلبه من الولاية ( غايتو القروش تتفسح ساكت تمشي وتجي).
وكل هذه مسكنات وليس هذه طريقة ضبط المال العام ولا أحسب أن هناك دولاً في هذا الزمان المتقدم بنظمه الالكترونية الحديثة تدير ميزانياتها هكذا.
المسألة من شقين عدم ثقة مفرط وكل يرى أنه هو الأمين على المال العام وغيره إما جاهل أو غير أمين والشق الثاني إداري بحت وهذا مقدور عليه بنظم الحوسبة المتطورة ولكن حتى هذا لن يمر بسهولة لوجود المستفيدين من التخلف.
لماذا لا يعقب هذا الاقتناع بالخزينة الواحدة الاستغناء عن كثير من الأجسام الإدارية والسياسية التي ما عادت تحرك ساكناً وليس بيدها غير خطاب التعيين الذي شكر الأقارب عليه الوالي أو الرئيس لثقته في فلان.
(أها الثقة راحت تاني باقي شنو؟)