في جنوب كردفان «2»
> تعيش مدينة كادقلي أبهى أيامها وأكثرها أمناً، تتبدل حالة الحرب إلى فياح السلام والاستقرار والطمأنينة، فلا تكاد ترى في المدينة أي مظهر من مظاهر المواجهات والحرب. تغير وجه كادقلي، طرق جديدة وأرصفة أنيقة وسط المدينة، عمارات سمقت في مدخلها، سوق رائجة ونشاط تجاري كبير يعطي المؤشر الحقيقي لعودة كل الأمور إلى طبيعتها، وعودة سكان المدينة إليها. فقد زاد استهلاك السلع من الدقيق والسكر والزيت والمحروقات وغيرها، وهناك إحساس لا تخطئه عين لدى المواطنين بالأمن والأمان، ساهر بعض الصحافيين من وفدنا الكبير في السوق ليلاً حتى ساعات الصباح الأولى، ليس هناك ما يقلق في ليل كادقلي، لا إجراءات أمنية ولا قيود على حركة المواطنين ولا وجل أو خوف، فقد توسعت دائرتها الأمنية ولم تعد هناك مجموعات من التمرد تحاول قصفها من محيطها الواسع..
> في صبيحة يوم الاثنين أول من أمس، خرجت كادقلي عن بكرة أبيها، لحضور الاحتفالات الضخمة بأعياد الاستقلال في ساحتها الرئيسة، دبت حركة في المدينة لم تكن معهودة من قبل، التلاميذ والطلاب والنساء الشيب والولدان، من كل فج عميق يتدافعون ويحتشدون لحضور العرض العسكري المهيب للقوات المسلحة والقوات النظامية الأخرى، ومشاهدة فعاليات الاحتفال بالذكرى الستين للاستقلال.
> قدمت القوات المسلحة عرضاً عسكرياً لا ضريب له أو مثيل، إلا في العروض العسكرية التي تحدث في الخرطوم، استمر العرض العسكري زهاء الساعة، كل الوحدات العسكرية وأفرع القوات المسلحة وعتادها الحربي وتجهيزاتها وكتائبها العاملة والكتائب الخاصة وقوات الشرطة والأمن والدفاع الشعبي والقوات المساندة والدعم السريع، مرت في الميدان الفسيح في مشهد بعث في النفوس اطمئناناً إلى أن البلد تحرسها قوات واعية ومدركة وقادرة ومتأهبة، وكان تفاعل المواطنين بالعرض العسكري كبير جداً، وشاهدنا ورأينا مشاهد مؤثرة للغاية لانعكاسات العرض على نفوس أهل كادقلي وحماسهم ورغبتهم الصادقة في جلب السلام وتحقيقه، أو فرضه بواسطة القوات المسلحة..
> عقب العرض العسكري تم افتتاح الوزارات الجديدة والميناء البري الأنيق، وهو يضاهي صالات المطارات الراقية بطرازه الحديث ومبناه الفخيم، وتابعنا العمل في شبكة المياه الجديدة الممتدة لخمسة وثلاثين كليومتراً وأضيفت «23» بئراً جديدة وأحواض لتغطية حاجة المدينة وأحيائها المتوسعة من المياه النظيفة، ووقفنا على العمل في المجالات الطبية والخدمات التعليمية وترقية صحة البيئة والطرق الجديدة والمعارض وبقية المنشآت والإنجازات التي تحققت في الفترة الماضية.. واستمعنا للواء الدكتور عيسى آدم أبكر والي الولاية وعدد من أعضاء حكومته في أكثر من موقع آخرها لقاء صحفي موسع وكبير عقده مع الوفود الصحافية التي تقاطرت على ولايته، كشف فيه معلومات مهمة للغاية عن الأوضاع الأمنية، مؤكداً أنه لولا الالتزام بقرار السيد رئيس الجمهورية والمهلة التي حددها لوقف إطلاق النار، لكانت الأوضاع غير ما هي الآن، وأن القوات المسلحة قادرة على حسم التمرد وتحقيق السلام في فترة وجيزة للغاية لو أعطيت التعليمات والإذن..
> من ملاحظاتنا كصحافيين، وما سمعناه من المواطنين قبل حكومة الولاية، أن نشاط التمرد قد انحسر كثيراً، والحركة الشعبية قطاع الشمال في أضعف حالاتها، وكل زمام المبادرة بيد الجيش، وينحصر وجود التمرد في ثلاث محليات فقط من محليات الولاية السبع عشرة، وحتى في هذه توجد مناطق محددة وجيوب لقوات الجيش الشعبي التي تحول الكثير منها إلى قُطاع طرق وعصابات نهب تعتاش على سلب المواطنين ونهبهم أو الإبقاء القسري على الأهالي شبه أسرى في المناطق المُسيطر عليها، وتستطيع القوات المسلحة بوجودها الكثيف وانتشارها الراهن وفق خطة مُحكمة يجري تطبيقها بدقة، إنهاء التمرد وتنظيف الولاية من أدرانه وشروره.
> ومن نافلة القول، إن ما يجري في جنوب كردفان اليوم، هو ثمرة لعمل دؤوب وضخم تم خلال الفترات الماضية لتطبيع الحياة المدنية والتقليل من مظاهر الحرب، وصناعة السلام وحراسته وتثبيته على الأرض، فهناك قضايا وهموم كثيرة تحتاج إلى عمل واجتهاد ووقفة قوية منتظرة من الحكومة الاتحادية حتى تعود هذه الولاية إلى سابق عهدها..
> هناك وجه آخر لجنوب كردفان وزاوية مختلفة سنتحدث عنها غداً، وكما سنعرج على تكوين اتحاد صحافيي الولاية، وهو الغرض الذي ذهبنا كوفد من الاتحاد العام للصحافيين من أجله.