الهندي عز الدين

مؤتمر السفراء .. الخطوط (الحمراء) لأصحاب السعادة !


‭}‬ من القضايا بالغة الأهمية والحساسية التي ينبغي أن يبحثها مؤتمر سفراء السودان السادس ويضع لها حيزاً في توصياته تحديد (مقاسات) و (أبعاد) علاقات سفير السودان لدى أي دولة بأجهزة و مؤسسات تلك الدولة ، بما يحفظ لبلادنا أمنها و سرية معلوماتها بدرجة لا تقبل أدنى تفريط ، بحسن نية أو عن قصد.
مناسبة هذا الحديث ما كشفه مؤخراً سياسي عربي معروف كان سكرتيراً لرئيس عربي سابق في برنامج تلفزيوني بقناة مشاهدة، وفيه روى في إطار التوثيق لعلاقات دولته مع السودان وقائع وأحداث مثيرة و غريبة .
‭}‬ من بين رواياته أن سفيراً سودانياً ذائع الصيت عمل من قبل وزيرا للخارجية اتصل به بعد وقوع إنقلاب 30 يونيو 1989 الذي أنتج ( ثورة الإنقاذ الوطني ) قائلا : ( جماعة الإنقلاب الجديد في السودان مش تبعكم .. لازم تبقوا عارفين كدا ) !!
‭}‬ ورغم أن سياق حديث المتكلم كان إيجابياً في مدح صفات و قدرات السفير السوداني الذي نبههم (كدولة) لخطر الإنقلاب الجديد عليهم و على مصالحهم ، إلا أن هذه الحادثة تبقى مؤشراً خطيرا لسيولة الولاء الوطني في مؤسساتنا التي يفترض أنها (سيادية)، و هي حالة مع حالات أخرى كثرت أو قلت تستوجب التوقف عندها و النظر بجدية في مثل هذه العلاقات العابرة لحدود الواجبات و التكليف الدبلوماسي لما فيه مصالح بلادنا العليا ، غض النظر عن توجه (السفير) و أفكاره و معتقداته السياسية (مع) أو (ضد) نظام الحكم القائم .
‭}‬ مثال آخر أشد فداحة ؛ فعندما حدث التغيير في صباح 30 يونيو 1989 ، اتصل سفيرنا في إحدى الدول الشقيقة ليبلغ مدير الاستخبارات بأن ( الضباط ) الذين استلموا السلطة في ” الخرطوم ” ( إسلاميين و قوميين عرب ) مناوئين للحكم في دولتكم و عليكم الحذر !! يكون هذا مفهوما إذا كان السفير (سياسيا حزبيا ) في الأصل ، و أن حزبه ( الأمة ) أو ( الاتحادي الديمقراطي ) قد أزيح من دفة الحكم ، و بالتالي يسارع السفير للإستقالة من منصبه و يتقدم بطلب للجوء السياسي في الدولة التي كان بها سفيرا معتمدا أو غيرها من الدول ، و لكن أن يستمر في عمله يعد ذلك ، و يمارس مهامه الدبلوماسية كالمعتاد بين الدولتين بل ويظهر في المقابلات الرسمية بين البلدين مع وزير خارجية ( الإنقلاب ) لفترة طويلة ، فإن ذلك مما يدعو للقلق و التساؤل عن ماهية ( الخطوط الحمراء ) في معاملات سفرائنا و بعثاتنا لدى دول العالم !!
‭}‬ كل مؤتمر و السودان بخير .. وعلاقاته مع العالم أكثر إيجابية و انفتاحاً، تحقيقاً لمصالح و مكاسب حقيقية .


تعليق واحد

  1. لا دبلوماسية بدون اقتصاد قوي يعتمد على (الزول) .. فالوصية الوصية أن يهتم سعادة السفراء بالمواطنين بالخارج.. فخبرات ومدخرات المغتربين بدول الخليج تكفي ما فقد من البترول وزيادة والدم قبل الدولار للوطن فقط (احترام) لاعادة الثقة بين المواطن والاجهزة المعنية . أما جهاز رعاية المغتربين فهم غير معني بأحد ولا سبت ولا خميس والان يستعد لافتتاح فرعه السادس . الدبلوماسية الناعمة والنائمة انتهت مع التطور التقني في اجهزة الاتصال وكثيرا ما يتصل أو يدردش الرؤساء مع بعضهم البعض وأيضا الوزراء . فمهمة السفارات والقنصليات والملاحق الاعلامية والثقافية وسفر الخبر بالحقائب هذه حقبة انتهت . ومازلنا متمسكين بها ونطلب المزيد محافظة على العادات وملاح التقلية .. وفقدت البلاد ملامحها ولون قمحي وعيون عسلية.