خالد حسن كسلا : وفد عرمان وهذا (شهر ماعندهم فيه نفقة)
> ترى، هل كانت تريد الحركة الشعبية (قطاع الشمال).. أن ترسل رسالة معينة بإفشالها للمفاوضات غير الرسمية.. وتقول الرسالة إنها مازالت مؤثرة في الميدان وصانعة للمعاناة وإساءة الأوضاع الإنسانية؟!.
> هل تريد أن تقول بأن الحكومة السودانية لا يمكنها الإعتماد على الجيش وقوات الدعم السريع رافدها دون أن تقدم التنازلات القاسية الموجعة أكثر من التي قدمتها إلى جون قرنق؟!.
> لكن الواقع هو، انحسار أنشطة التمرد في الميدان وتقلل معاناة أولاد النوبة والنيل الأزرق.. وتريد الحركة الشعبية بلسان بوقها ياسر عرمان أن تكذب عملياً من خلال فكرة إفشال المفاوضات.
> ويبدو أن الحركة الشعبية تريد أن ترد على بعض المراقبين الذين يتحدثون عن أن خياراً واحداً أمامها.. بعد انكسارها في الميدان هو جلوسها مع الحكومة.
> لكن هي الحقيقة طبعاً.. حقيقة مرة جداً.. فقد انهزموا وتقدم بهم العمر.. وتسعى الآن القوى الأجنبية إلى إعداد قادة شباب لتذهب أسماء القادة الحاليين للتمرد إلى قائمة السابقين مع أقري جادين وجوزيف لاقو وعبدالله شول وقرنق وسلفاكير.
> لكن.. دعونا في الآن.. فإن وفد الحكومة يحمل مسؤولية فشل المفاوضات لوفد الحركة والأخير يحملها للأول. وبغض النظر عن المسؤول عن إفشال جولة التفاوض غير الرسمية.. فهي فاشلة أصلاً لكونها غير رسمية.. ولكن يبقى السؤال هل سيتسلم تمرد المرحلة المقبلة الراية من هذا التمرد يداً بيد؟!.
> ويبقى غريباً ومريباً مطالبة وفد الحركة بأن تقود الحوار (الوطني) جهة دولية.. تشرف على مناقشات القضايا السودانية.. ويبقى الأغرب أن يدرج وفد الحكومة موضوع الحوار الوطني في مفاوضات مكررة مع متمردين يريدون أن يتوصلوا إلى كسب مناصب دستورية رفيعة.. ومعلوم أن برنامج الحوار الوطني مجرد من محاصصات المناصب.
> إذن.. لا داعي لنقاش موضوع الحوار الوطني ضمن أجندة المفاوضات مع التمرد (المستأنف بعد إدخال اتفاقية نيفاشا حيز التنفيذ وانفصال الجنوب).
> وأن يتسبب أي شخص أو مجموعة بأي موضوع لتبرير تمرد جديد أو مستأنف، فهذ أمر بسيط وسهل وتبسطه وتسهله القوى الأجنبية التي تستعد لدعم أي تمرد.. وتكذب على المجتمع الدولي في منابر التفاوض في برلين وأديس أبابا.
> لذلك تبقى قيمة اهتمام الحكومات الوحيدة بالجلوس للتفاوض مع متمردي أية مرحلة هي إبراز تحمسها وقبولها للسلام.. تبرز ذلك للشعوب التي تضللها حكومات دول الاستكبار وتوابعها.
> وليس شيئاً حقيقياً أمام هذه الحكومة وهذا الشعب خاصة أبناءه المصطلين بنيران التمرد، إلا واجب القوات المسلحة.. والحوار الوطني بإشراف وطني حتى لا يكون مصيره مصير (السلام) الذي جاء باتفاقية نيفاشا وذهب بأحداث الاثنين الأسود واعتداءات عصابات النقروز وانفصال الجنوب.
> ولك أن تتخيل ما قاله ياسر عرمان الذي يقود وفد التفاوض للحركة الشعبية.. قال إنهم أتوا إلى الجلسة بقلب مفتوح.. ومعلوم إن وفده قد تنصل مما اتفقوا عليه في أديس أبابا لأنه تأبَّط أجندة أجنبية تآمرية لا تتماشى مع الالتزام والإيفاء بالعهد.
> فعرمان دخل إلى جولة المفاوضات بقلب مفتوح.. وبعقل مقفول.. مقفول بمفتاح مشروع التآمر الأجنبي على السودان.
> والحكومة تريد أن تكسب التأييد للحوار الوطني في أي منبر، وهذا خطأ سياسي طبعاً.. لأن طرح موضوع الحوار على قادة التمرد المكرر تسبقه مرحلة محاصصة المناصب.
> فما دام هو تمرد مكرر بعد اتفاقية نيفاشا ويتحدث عن قضايا في كل الوزارات والولايات أعدت لها خطط وبرامج.. فإن الواضح أن تكراره و استئنافه كان صفقة بين عدة أطراف.
> وهذه الأطراف هي واشنطن وإسرائيل اللتان تدعمان وتمولان، وجنوب السودان ويوغندا اللتان تهيئان خطوط الإمداد.. والحركة الشعبية التي تقود مباشرة عمليات نسف الاستقرار.
> وثمار الصفقة واضحة طبعاً .. فطرف يطمئن على تأخر السودان وإقعاده عن التنمية لكي لا يسبب هاجساً في المستقبل للاحتلال اليهودي في فلسطين.. وآخر يأخذ الأجر من الأول.. وثالث يكسب المناصب الدستورية.. والحوار يبقى غير مهم بالنسبة إليه.. لأنه بدون برنامج توزيع مناصب.
> لذلك ينبغي ألا تقحم الحكومة موضوع الحوار الوطني في التفاوض مع الحركة الشعبية التي يقودها بمستوى أعلى سلفا كير طبعاً.
> ووفد الحركة الشعبية كأنه يقول بلسان الحال عن الحوار الوطني (شهراً ما عندك فيه نفقة ما تعد أيامه). مثل شعبي ينطبق عليه تماماً.
غداً نلتقي بإذن الله…