د. جاسم المطوع : متى تصاب المرأة بالإحباط الزوجي !!
كان شخصاً مغموراً متواضعاً ولكنه يحسن الكتابة والتعبير فاقترحت عليه زوجته أن يكتب في الصحافة، وبـــدأ يشـــق طريقــــه ليكون صحفياً مرموقاً، وفي كل ليلة يسهر مـــع زوجته ليتبادلا أفكار المقــــال وطريقة كتابته، حتى أصبـــح عموده الصحفــــي من أشهر الأعمدة، وبدأت حياته تتغيّـــر فأصبـــح محاضراً وكانـــت زوجته تعينه وتدعمه نحـــو هــــذا النجاح، وفي غمار تلك الأحداث أصيبت زوجته بسرطــــان في الثــدي وأجريت لها عملية فاستؤصل أحد ثدييها، وهنا بدأت تشعر بالانقباض، وجاءتها وســـاوس كثيرة بتخلّــــي زوجها عنها وتركـــه لها، لأنها ستعيقـــه في تألقــه ونجاحه وكانت تـــعدّ وقوفـــه معها في مرضها وأثناء العملية عبارة عن تأدية واجـــب زوجــــي، ولكـــن مـــاذا بعـــد ذلــــك ؟!
أحببــت أن أذكر هـــذه القصة الواقعية لأبيّن أن أكبر خطأ يعيشه الزوجان وهما فــي بداية زواجهما وانسجامهما، هــو الاعتقاد بأن حياتهما ستبقى هكذا إلى النهاية، ولا يتصوران أن هنـــاك متغيـــرات ستطـــرأ عليهما فيخططان للتعامل معها.
وكم مـــن علاقـــة زوجيـــــة أعرفها فشلــــت أمـــام أول متغيـــرّ في حياتهما، والسبب يعود إلى عــدم توقعهمــــا للحدث الجديد أو عـــدم الاتفـــاق على خطة للتعامـــل مـــع الحيـــاة الجديدة، وقـــد يكــــون المتغيّـــر (مرضا مفاجئــــا لأحــــد الزوجين، أو ترقية في العمل، أو تعيــــين الزوج فــــي منصب سياسي مرمــــوق فـــي بلـــده، أو انتقال الزوجـــين إلى منزلهما الجديد بعـــد أن كانا يعيشان في شقة صغــيرة، أو هدايــــة أحــــد الزوجــــين واستقامته، أو انتقـــال عمــــل الـــزوج إلى بلـــد غيـــر بلــــده، أو حصول أحد الزوجين على مـــال كثيـــر مـــن الإرث) وهكذا الأمثلة في متغيرات الحياة كثيرة.
كل هــــذه المتغيرات وغيـــــرها كثير، لا بـــــد أن يحســــن الزوجـــان التعامـــل معها، لأن أي متغير يحدث قد يُشْعـــر الطــــرف الآخــــر بعدم الأمان والخوف من المستقبل، ولهذا فــــإن صاحبــــنا الذي تحدثــــت عنــــه في بداية المقــــال كان أول عمـــل عملـــه بعد مرض زوجته أنـــه كتب عدة مقــــالات عن صفاتها ودعمها له، وكيف أنها السبــب وراء شهرتــــه ونجاحــــه، وكان يقــــرأ عليها المقـــالات هـــذه، ثـــم إنــه شاركها في محنتــــها ودعمها معنــــويا، كما كانت تدعمـــه في بداية عملــــه، فلما قرأت ما كتب شعــــرت بالأمـــان والاطمئنان إلى تصرفاتــــه هـــذه، وازداد الحب بينهمــا أكثــــر وأكثــــر…
فكثير من الرجال لا يحسن التعامل مع المرأة ولا يفرق بين ما هو واجب عليها وما هو تطوع قدمته لزوجها، بل بعض الأزواج يرى أن كل ما تفعله المرأة له فهو واجب عليها، والرجل الواعي في التعامل مع المراة هو الذي لا يهمّش زوجته إذا نجحت أو يحقّر من شأنها، بــــل يشعِرها بأنها هي سر نجاحــــه، ويكون لها وفيا كمــــا كان سيدنا محمد – صلى الله عليه وسلم – وفياً لخديجة – رضي الله عنها – ودعمها له في النجاح الدعوي الذي حققـــه في عهدها.
إن علاقـــــة الحــــب مثل الحديقـــــة كلما أوليتهـــا رعايـــتك واهتمامـــك كانت مزدهـــرة أكــثر، فالمرأة تحتاج للمكافأة بين فترة وأخرى، لأنها تحب أن يقدر عطاؤها للبيت وللأسرة، وقد ترضى بالمكافأة البسيطة، وتجعلها تسعد وتطير من الفرح حتى ولو كانت المكافأة تربيتا على الكتف، أو ابتسامة بالوجه، أو أن تسمع كلمات إطراء ومدح وشكر بلهجة صادقة، أو أن تقدر علنيا أمام أهلها أو أقربائها، أو أن تقدم لها هدية مفاجئة، أو أن تتحدث أمامها بمواقفها التي وقفت معك بها بلغة فيها نوع من الفخر والاعتزاز بها، أو بارسال باقة من الورد، أو عمل شهادة تقدير لها.
وأكثر ما يعذب المرأة صمت الرجل وعدم تفاعله مع كلامها ومواقفها، أو عدم تقديرها واحترامها إذا تحدث عنها أو معها، ولعل أكثر ما يساعد المرأة على الصبر في بداية زواجها إن لم تجد من زوجها المكافأة والكلمة الحلوة، أنها تعيش على أمل أنه سيعوضها في المستقبل عندما يستقر ويحقق أهدافه الأسرية والعملية، فإذا خاب ظنها ولم تجد من زوجها تعويضا بعد سنوات من زواجها ففي هذه الحالة تصاب بالإحباط الزوجي.