إشراقه سيد محمود .. العنيدة
ليس معروفاً حتى الآن هل لعب الحظ دوراً كبيراً في حياتها، أم شخصيتها هي التي أكسبتها كل ذلك النصيب الوافر من الصيت والمواقع الوزارية أو التنظيمية في حزبها .. فقد تخرجت من الجامعة بشهادتين الأولى (الأكاديمية) حيث درست الاقتصاد قسم العلوم الاجتماعية بجامعة الخرطوم، وذلك قبل عقدين بالتمام والكمال من الآن .. والشهادة الثانية التي نالتها لاحقاً هي (قسيمة الزواج) حيث كانت قسمتها مع أحد أبناء أسرة الشريف الهندي .. المحامي يوسف الهندي الذي يتردد أنه استقطبها للحزب الإتحادي.
بداية الرحلة
ما من شك أنكم علمتم أن المعنية هي مساعد الأمين العام للحزب الإتحادي إشراقة سيد التي تصدَّرت صحف أمس بنبأ عزلها من منصبها، وهي السيدة التي نشأت في أسرة تميزت بالتفوق الأكاديمي، وكان شقيقها عصام أول الشهادة السودانية في فترة من الفترات، وقد أطلقت إشراقة صرختها الأولى بدولة الجنوب بمدينة الناصر في العام 1971م، حيث كان والدها يعمل في صفوف القوات المسلحة، لكنها درست مراحلها التعليمية بمدارس عطبرة.
اتجاه معادي
وكان لنشأتها بعاصمة الحديد والنار أثراً كبيراً في حياتها السياسية، حيث جاءت إلى جامعة الخرطوم مشبعة بالفكر الاتحادي من مدرسة عطبرة الثانوية، وعندما دخلت الجامعة تلقتها مجموعة من الاتحاديين علي رأسهم زوجها يوسف الهندي، ودلفوا بها إلى داخل الحزب، وأصبحت كادر أركان النقاش بالجامعة، ورئيس طلاب عطبرة بالجامعة، ويكشف الصحفي عادل عبده المقرب جداً من دوائر الاتحاديين أنه كان لـ (إشراقة) نشاط سياسي واضح معادي للاتجاه الإسلامي في ذلك الوقت، مما خلق لها شعبية بصفوف الحزب .
اصطياد عكر
حازت إشراقة على الكثير من الألقاب، ونالت صيتاً في صراعات عنيفة تطاير منها شرر الخصومة السياسية مرة، ورست مراكب أخرى في المحاكم، وكانت أول امرأة في الحزب الاتحادي والحركة الاتحادية بصورة عامة تتبوأ منصباً وزارياً، ومن المقربين لزعيم الحزب الراحل الشريف زين العابدين الهندي، والذي رشحها لدخول وزارة التعاون الدولي، ووقف على زواجها، ولكن مع ذلك دارت الأيام وتبرأت منها أسرته وهاجمتها على صفحات الصحف.
٭ بدأت خريجة الخرطوم والتي سبق أن عملت في وظيفة مساعد تدريس بجامعة جوبا تتلمس خطواتها في تجربتها البادئة بوزارة التعاون من خلال العمل في وزارة ليس فيها إلا مجرد اسم وملفين متنازع حولهما بين المالية والخارجية، ولم تحظ فترتها حسب المقربين منها بأي بصمة، ولم يشغل بال الكثيرين من قرارات إشراقة في وزارة التعاون الدولي شيئاً مثل ما شغلهم قرارها الأول بتعيين شقيقها في وظيفة مدير مكتبها، وعللت لذلك شخصياً بأنه محرم شرعي.. و تولت كذلك منصب وزيرة تنمية الموارد البشريه والعمل، وكانت قد دخلت في صراعات مع نقابة العاملين، حيث اعتبروها تصطاد في الماء العكر، وتعمل لمصالحها الخاصة، وخلفت مديونيات متراكمة للوزارة، ولم تشهد فترتها أي إنجازات أو إصلاحات، وأتهمت بعدم التعامل بالمهنية بل برد الفعل، ويرجح كثيرون أن ذلك كان سبباً في خروجها من الوزارة.
٭ بينما وصفها الصحفي عادل عبده بالجريئة وصاحبة النشاط الدافق، وصاحبة القدرة على الحركة في العمل السياسي والميالة لحسم المسائل .. ويصفها مراقبون بأنها عنيدة المراس بما يدلل على أنها ربما دفعت ثمن موقفها بخروجها من الوزارة بعد إثارتها لقضية مثيرة للجدل تتعلق بفساد الخدمة المدنية .
صراعات
قادت إشراقة جملة من الصراعات كان أشهرها صراعها ضد الأمين العام للحزب الدكتور جلال الدقير في حياة الشريف زين العابدين الهندي، عندما كانت تقف ضد الأمانة العامة للحزب متخذة من المركز العام وقتها منصة للانقضاض على جلال، لكن الخلاف سرعان ماذاب بعد وفاة الشريف، وإنتقال قيادة الحزب للدقير، وهو ما أظهر شخصية إشراقة البراغماتية، ثم قادت صراعاً آخر مع أمين الشباب بالحزب، الذي دفع ثمن صراعه مع إشراقة مغادرته لموقعه، واستطاعت الظفر بخانة عريضة داخل حزبها.
لم تبخل المخيلة الشعبية من السخرية من قرارات اتخذتها إشراقة، وسبق أن ضجت الأسافير ومواقع التواصل الاجتماعي بأيقونات ساخرة من قرارها بمنع تناول الإفطار في مكاتب الدولة.
البعد عن الحزب
عُرفت بدفاعها الشرس عن القضايا الوطنية التي يطرحها و يتبناها الحزب الحاكم وقياداته، كما عُرفت أيضاً بتواصل واسع مع قيادات الإسلاميين، بعكس بعدها عن الطيف الإتحادي بمسمياته وتياراته المختلفة، منها الحديث بكونها طوال عهدها في الحزب لم تقد أي مبادرة لوحدة الأشقاء، بل كانت تتحاشى الحديث في هذا الأمر، ويؤكد المقربون منها عدم زيارتها لأي قيادي اتحادي في هذا الشأن، أو المشاركة في مناسبات الاتحاديين الشهيرة ومواقعهم مثل منزل الزعيم الأزهري.
ناهد عباس
صحيفة آخر لحظة