شركة مساهمة عامة
أسعدني أن التحقيق الصحفي (جثة مجهولة الهوية) حرك قضية وطنية منسية.. قضية شركة الخطوط الجوية السودانية (سودانير) .. التي تصلح مثالاً باهراً للفساد متضامناً مع سوء الإدارة.
قبل عدة أيام عقد مجلس الوزراء منتدى للتداول في مستقبل (سودانير).. وأمس الأول اتصل بي المهندس عبد الله مسار رئيس لجنة النقل بالمجلس الوطني (البرلمان) وأكد أن اللجنة وضعت (سودانير) في أولوياتها ورسمت خارطة طريق محددة للتعامل مع هذه القضية في محاورها الثلاث.. الجنائي والإداري والفني..
وفي تقديري رغم أن حلقات التحقيق الصحفي لم تنته بعد- أن أي حل لقضية (سودانير) لا يراعي حقيقة مهمة ومصيرية للغاية فهو محض إمعان في الغي..حقيقة أن الحكومة غير مؤتمنة على مصير (سودانير).. كفاية تجريب.. كفاية عبثاً بناقلنا الوطني.. فالحكومة أُتيحت لها فرص كثيرة أثبتت فيها أنها(غير قادرة ولا راغبة) في المحافظة على (سودانير) محلقة في الفضاء الذي يليق باسمها التاريخي الكبير.
أي بصيرة حل لا تقوم على هذه الحقيقة.. حقيقة أن الحكومة لا يجب أن تحتكر وحدها قرار مصير (سودانير) سيضيف كارثة جديدة.
أقترح.. أن تتحول الخطوط الجوية السودانية (سودانير) إلى شركة مساهمة عامة.. يسمح للحكومة بالإمساك بـ(26%) من أسهمها.. و يترك (34%) من بقية الأسهم مفتوحاً للمساهمة العامة من كافة أبناء السودان بالداخل والخارج.. بينما الـ(40%) المتبقية تتاح لشريك استراتيجي يملك(الخبرة والمال).
برأسمال (500) مليون دولار.. وقيمة السهم مائة دولار فقط (إجمالي الأسهم خمسة مليون سهم).. وبعد تقييم أصول سودانير الحالية لصالح الحكومة سيكون مطلوباً من الحكومة سداد حوالي (80) مليون دولار فقط ( من أصل 130 مليون دولار بحساب الأصول كلها في حدود 50 مليون)..
الشريك الأجنبي الإستراتيجي سيكون نصيبه (200) مليون دولار.. بينما على الشعب السوداني المساهمة بالباقي (170) مليون دولار..
مساهمة الجمهور السوداني سهلة للغاية.. فقيمة السهم (100) دولار فقط.. تسدد بتذاكر السفر.. فالمساهم السوداني الذي يشتري سهماً واحداً (100 دولار) سينال تخفيضاً في تذاكر السفر على (سودانير) بنصف قيمة الأسهم.. (بالسعر الرسمي ما يعادل حوالي 260 جنيهاً في كل سهم).. وينطبق الأمر على الشحن الجوي بنفس التخفيض.
سنضرب عصفورين بحجر واحد.. نشجع مساهمة السودانيين (بدافع الرغبة في الحصول على تخفيض التذاكر) ونزيد من جاذبية السفر بـ(سودانير) بما يناله المسافر من تخفيض.
الأولوية ستكون للحصول على أسطول طائرات (ركاب وشحن) يستعيد المحطات الخارجية والداخلية على حد سواء..
ستظل المعضلة الأكبر.. هي شح الثقة الشعبية في أي عمل تكون الحكومة هي سيدة القرار فيه.. و(سودانير) بالتحديد جسمها ليس فيه موضع لضربة سيف أو طعنة رمح .. من (عمائل) العقود الماضية..
يجب التعويل على مجلس إدارة من شخصيات محظية بالثقة الشعبية والنزاهة.. فإذا تحقق ذلك فستحتاج (سودانير) إلى مشروع تأهيل أخلاقي لـ(إعادة الثقة) هائل ينشط فيه الإعلام الرسمي والخاص.
ومثل (سودانير) مؤسسات أخرى كثيرة نحن في حاجة لتحريرها من قبضة الحكومة..!!
حديث المدينة – صحيفة اليوم التالي
[Email]hadeeth.almadina@gmail.com[/Email]