مقالات متنوعة

اسامة عبد الماجد : حكومة جديدة

٭ من الطرائف السياسية أن الشارع المصري كان يحب الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، وعندما تخترق سيارته شوارع القاهرة تهتف الجماهير: «ناصر.. ناصر» وعندما خلفه أنور السادات ظلت الجماهير متمسكة بنفس الشعار، مما اضطره أن يكتب على سيارته» هذه سيارة أنور السادات « إلا أن الجماهير استمرت بنفس الهتاف السابق، فاضطر الرئيس أن يستبدل العبارات على سيارته، ولكن من دون نتيجة ولذا اضطر أن يكتب.. هذه سيارة السادات الملقب بـ«ناصر».
٭ ولعل المؤتمر الوطني سيكون حاله مثل السادات بشأن «الحكومة الجديدة» – وهذه من عندي – فالحزب الحاكم يرفض الحكومة الانتقالية لعامين ونفى وبشدة من قبل، مناقشة مؤتمر الحوار خلال جلساته للمقترح، وقال إن المقترح يمثل فقط رؤية حزب المؤتمر الشعبي، وظل الوطني يؤكد موقفه كل مرة من تلك التصريحات، في حين أن الآخرين متمسكون بشعارهم والذي مهما كان نوعه ففي النهاية يفضي لتغيير في الحكومة- جزئي أو كلي.
٭ وهاهو مؤتمر الحوار يتبنى تشكيل ما أسماه حكومة وفاق وطني برئاسة عمر البشير عقب الحوار، مما يعني حكومة جديدة، وهي في تقديري امتحان عسير سيجابه المؤتمر الوطني، فالوضع عقب الحوار يعني دخول لاعبين جدد.
٭ ذلك الوضع سيرغم المؤتمر الوطني على التخلص من بعض شركائه الحاليين والذين عدد مقدر منهم «لا بهش ولا بنش» بل هم عبء ثقيل على الحزب الحاكم ويعتبرون حلفاء ضعاف، ولسنا في حاجة لتسميتهم، والتحدي الثاني هو ترضية حركات دارفور الموقعة على اتفاقات سلام وتحولت لأحزاب، إذ أن بعضها لم يدعم السلام بشكل حقيقي.
٭ لكن في تقديري أن المشكل الأكبر الذي سيقابل الحزب الحاكم هو أوضاعه الداخلية نفسها، فبدون شك أن حكومة وفاق وطني تعني بكل تأكيد «القضم» من الكيكة الكبيرة، التي يحوز عليها الوطني، حتى وإن لجأ الأخير إلى حيلة زيادة مقاعد الوزارات، وذلك لأنه وقع في فخ تعيينات جديدة، ولو تذكرون عقب تشكيل الحكومة، تم «عمل ملاحق» وحدثت تعيينات بالقطاعي وهي ليست بالقليلة.
٭ الوطني سيجد نفسه محاصراً من داخل أسواره، فمن العصي أن نجد بين القيادات علي عثمان آخر يتنازل عن موقعه طواعية، بدليل أن عدداً كبيراً من تجاوزهم الاختيار لمجلس الوطني يمموا وجههم شطر الاستقلال عن الحزب، وهاهم يقلقون مضجعه بالبرلمان.
٭ الأطراف الأخرى سواء أحزاب داخل الحوار أو أخرى رافضة له تبدو متفقة تماماً حول أمر واحد وهو ضرورة «خلخلة» الحكومة الحالية سواء كان بمسمى حكومة وفاق وطني أو انتقالية، وهي تمارس ضغطاً على الوطني، وحتى تمرر خطتها الذكية تحتمي خلف الرئيس البشير، حيث اختارته رئيساً للمرحلة المقبلة.
٭ ومهما يكن من أمر فإن الوطني فيما يبدو سيضطر مثل السادات أن يقول هذه حكومتي ولكنها ملقبة بـ«حكومة وفاق وطني».