خالد حسن كسلا : الحوار المجتمعي.. هل وصل الجنوب؟
> يحدثنا عن مؤشرات قوية لعودة الوحدة بين الشمال والجنوب المهندس عمر البكري أبوحراز رئيس آلية الحوار المجتمعي.
> والحوار المجتمعي لو كان انطلق منذ بداية تنفيذ برتوكولات اتفاقية نيفاشا )اتفاقية قصم ظهر الوحدة( أو )اتفاقية رصاصة الرحمة للوحدة)، لما أبقى عليها في نتيجة الاستفتاء.
> والعودة للوحدة الآن، أكثر ما ستعنيه هو عودة الوئام القبلي إلى قبائل الجنوب خاصة النيلية بتوحيد العدو الذي صنعه الاحتلال البريطاني.. العدو الشمالي المشترك الذي جمع النقائض القبلية في حركة واحدة ظلت تتمرد تحت إشراف القوى الأجنبية المعروفة.
> ويمكن أن ترى هذه القوى الأجنبية أن انفصال الجنوب حقق لها ما تريد وإنها تريده أن يكون انفصالاً مؤقتاً كما أراده ابن قبيلة الدينكا فرانسيس دينق.. لكن الأخير كان يقصد بناء أسس لوحدة متينة فتعود الوحدة للجنوبيين خالية من دواعي تقرير المصير.
> أي تعود بعد )حوار مجتمعي( مثمر ثمرته القبول الجنوبي للعيش مع الشمال.. لكن للأسف دون اكتراث لقبول شمالي للعيش مع الجنوب. وكأنما ليس من حق الشمال أن يحسب حساباته لقبول الوحدة أسوة بالجنوب.
> والمؤشرات لعودة الوحدة التي أشار إليها أبو حراز طبعاً يتصورها في جانب جنوب السودان. لكن ماذا عن جانب السودان!؟.
> هل في السودان مؤشرات كذلك لعودة الوحدة؟! هل يمكن أن يخرج ملايين الناس في شوارع المدن السودانية يدعون إلى عودة الوحدة؟ .!
> بل هل أولوية السودانيين الآن قبل أسعار الضروريات مثل الغاز والاشتراكات في بعض شركات الاتصالات التي تهدر العملة الصعبة المكتسبة هي عودة الوحدة مع بلد تحكمه وتدمره وتحرقة بالفتن القبلية الحركة الشعبية.
> لتذهب الحركة الشعبية أولاً ويتعافى منها جنوب السودان ويصبح دولة طبيعية، بعد ذلك تبقى حسابات عودة الوحدة معقولة.. ويبقى من حق البعض أن يدعو إلى عودتها إذا كانوا يرون في ذلك مصلحة للشعبين.
> وعودة الوحدة يمكن الآن النظر إليها من خلال تمرد الحركة الشعبية ممثلة بقطاعها الشمالي.. ويكون السؤال المطروح هنا: هل بعد عودة الوحدة سيأتي الأمر من قطاع الجنوب في الحركة الشعبية إلى قطاعها الشمالي بوقف التمرد المستأنف بعد إعلان انفصال الجنوب .!
> من الطبيعي أن تكون الإجابة بـ)نعم( وهذا يكون معناه أن تقبل الخرطوم بعودة الوحدة حينما تلغي حكومة الحركة الشعبية نتيجة استفتاء الجنوبيين حول تقرير مصيرهم.. تلغيها رغم أنفهم كما تفعل الآن وتقرر كل شيء رغم أنفهم.
> ثم إن المؤشرات هي أن أغلب الجنوبيين ما عاد يطاق لهم العيش في ظل الحركة الشعبية التي عجزت عن فهم متطلبات المرحلة التي أتت بعد )الاستقلال.(
> فقد وقعت الحركة الشعبية في مرحلة ما بعد الاستقلال في ما هو أسوأ مما وقعت فيه أول حكومة وحدة وطنية في الخرطوم بعد رفع علم الاستقلال.
> لذلك فإن استمرار الحركة الشعبية في الحكم في جوبا يجب أن يؤخر عودة الوحدة بين الدولتين حتى لا تعود أسوأ مما كانت. فستعود معها حتماً أسوأ مما كانت.
> ولو تحمست الدوائر الأجنبية لعودتها قبل ذهاب الحركة الشعبية من الحكم فإنها تكون تريد من جديد وبشكل أسوأ إعادة إنتاج سيناريوهاتها لنسف الأمن والاستقرار بصورة أفظع.. فسيدور الصراع الدامي بين مجموعتي سلفا كير ومشار في شوارع الخرطوم، وستصور الكامرات مشاهد تشبه ما شاهده الناس يوم الاثنين الأسود المعروف.
> وعودة الوحدة تحتاج بالفعل في جانب جنوب السودان إلى حوار مجتمعي لو نجح.. و لا أمل في نجاحه مع حكومة الحركة الشعبية التي ما عادت محبوبة لدى أغلب سكان جنوب السودان.
> جنوب السودان الآن أفضل لشعبه وشعب السودان أن يستمر مستقلاً كما تريد الحركة الشعبية إلى أن تغادر السلطة.. وقتها يمكن طرح هذه الحسابات السياسية مع السلطة )الخالفة.(
> حكومة الحركة الشعبية تحتاج إلى وعي تنفيذي يؤهلها رغم صداقتها مع دول الاستكبار المتآمرة دوماً للتفكير بذكاء في بناء الدولة الجديدة.
> فهاهي كينيا جارتها صديقة للغرب ويطلق على عاصمتها نيروبي لقب )لندن الصغيرة . وهي على استعداد دائماً لتنفيذ أجندة واشنطن وإسرائيل.. وفي نفس الوقت تقودها قيادة سياسية لم تنسَ حظها من التقدم.
> لكن الحركة الشعبية تفيد الغرب وإسرائيل ولا تستفيد منهما لصالح الدولة حتى يشهد التاريخ بجدارتها بالحكم. تستفيد فقط على مستوى الأفراد في القيادة والشواهد كثيرة.
> ولو كانت هناك مؤشرات لعودة الوحدة.. فيمكن ادخارها الى الوقت المناسب.. وقت لا تحكم فيه الحركة الشعبية جنوب السودان. لكن استمرار حكم الحركة الشعبية قد يحولها إلى وحدة مع يوغندا لو انهار في عهدها الجنوب تماماً.
غداً نلتقي بإذن الله..