مججوب عروة : ﺑﻨﻚ اﻟﺴﻮدان وﺳﺮﻳﺔ اﻟﻌﻤﻞ اﻟﻤﺼﺮﻓﻲ
ﺃﺫﻛــﺮ ﺗﻤﺎﻣﺎ ﺃﻧﻨﻲ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻛﻨﺖ ﻋﻀﻮﺍ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺠﻠﺲ ﺍﻟﻮﻁﻨﻰ ﺍﻻﻧﺘﻘﺎﻟﻰ ﻋﺎﻡ ۱۹۹۱ ﺗﻘﺪﻣﺖ ﺑﻤﺴﺄﻟﺔ ﻣﺴﺘﻌﺠﻠﺔ ﺣﻮﻝ ﻗﺎﻧﻮﻥ ﺗﻨﻈﻴﻢ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﺍﻟﻤﺼﺮﻓﻰ ﻟﻌﺎﻡ ۱۹۹۱، ﻗﺪﻣﺖ ﻓﻴﻪ ﻋــﺪﺓ ﻣﻼﺣﻈﺎﺕ ﻣﻨﻬﺎ ﺃﻥ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ ﺻﻴﻎ ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ ﺗﻌﻜﺲ ﻗــﺪﺭﺍ ﻛﺒﻴﺮﺍ ﻣﻦ ﻋﺪﻡ ﺍﻟﺜﻘﺔ ﻓﻲ ﺟﻤﻴﻊ ﺍﻷﺟﻬﺰﺓ ﻭﺍﻟﻤﺆﺳﺴﺎﺕ ﺍﻟﻤﺎﻟﻴﺔ ﻣﻦ ﺑﻨﻮﻙ ﻭﺷﺮﻛﺎﺕ ﺗﺄﻣﻴﻦ ﻭﺷﺮﻛﺎﺕ ﺍﻟﻤﻀﺎﺭﺑﺔ
ﻭﺍﻟﻤﺤﺎﺳﺒﻴﻦ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻧﻴﻴﻦ..ﺍﻟﺦ ﺍﻷﻣﺮ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻬﺰﻡ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﺎﺕ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻳﺔ ﻭﻳﻀﻌﻒ ﺍﻻﺳﺘﺜﻤﺎﺭﺍﺕ ﻭﺍﻥ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ ﻳﻌﻜﺲ ﻗﺪﺭﺍ ﻛﺒﻴﺮﺍ ﻣــﻦ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﺎﺕ ﺍﻻﻧﻜﻤﺎﺷﻴﺔ ﺣﻴﺚ ﻟﺪﻳﻪ ﺻﻼﺣﻴﺎﺕ ﻣﺒﺎﻟﻎ ﻓﻴﻬﺎ ﺳــﻮﻑ ﺗﻘﺘﻞ ﺭﻭﺡ ﺍﻟــﻤــﺒــﺎﺩﺭﺍﺕ ﻭﺗﺘﻌﺎﺭﺽ ﻣﻊ ﺳﻴﺎﺳﺔ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﻓﻰ ﺍﻻﻧﻔﺘﺎﺡ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻯ ﻭﺗﺼﺒﺢ ﺍﻟﺒﻨﻮﻙ ﻣــﺠــﺮﺩ ﻣﺆﺳﺴﺎﺕ ﺑﻴﺮﻭﻗﺮﺍﻁﻴﺔ …ﺍﻟﺦ ﻣﻼﺣﻈﺎﺗﻲ ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ، ﻭﻗﺪ ﺣــﺪﺙ ﻓﺄﺻﺒﺤﺖ ﺍﻟﺒﻨﻮﻙ ﻣﺠﺮﺩ ﻣﺆﺳﺴﺎﺕ ﻣﺎﻟﻴﺔ ﺿﻌﻴﻔﺔ ﻣﻬﻨﻴﺎ ﺑﻞ ﻣﺎﻟﻴﺎ ﺧﺎﺻﺔ ﺑﻌﺪ ﺗﺪﻫﻮﺭ ﺍﻟﺠﻨﻴﻪ ﺍﻟﺬﻯ ﺃﺿﻌﻒ ﺭﺅﻭﺱ ﺃﻣﻮﺍﻟﻬﺎ ﺑﺠﺎﻧﺐ ﺍﻟﺰﺍﻣﻬﺎ ﺑﺸﺮﺍء ﺍﻷﺳﻬﻢ ﻓﻰ ﻋﻤﻠﻴﺎﺕ ﺍﻟﺴﻮﻕ ﺍﻟﻤﻔﺘﻮﺣﺔ ﻓﺄﺻﺒﺤﺖ ﻣﺴﺎﻫﻤﺎﺗﻬﺎ ﻓﻰ ﺍﻻﺳﺘﺜﻤﺎﺭﺍﺕ ﻭﺗﻤﻮﻳﻞ ﺍﻟﻘﻄﺎﻉ ﺍﻟﺨﺎﺹ ﻭﺍﻟﻘﻄﺎﻋﺎﺕ ﺍﻻﻧﺘﺎﺟﻴﺔ ﺿﻌﻴﻔﺔ ﻟﻠﻐﺎﻳﺔ..
ﻭﺗﺪﻭﺭ ﺍﻷﻳﺎﻡ ﻭﻳﺼﺪﺭ ﻗﺎﻧﻮﻥ ﺁﺧﺮ ﻟﻠﻌﻤﻞ ﺍﻟﻤﺼﺮﻓﻲ ﻋﺎﻡ ۲۰۰۳ ﺍﻟﺬﻯ ﺟﺎء ﻓﻰ ﻣﺎﺩﺗﻪ ﺭﻗﻢ ٥٥ -۱- ﺗﺤﺖ ﻋﻨﻮﺍﻥ (ﺍﻟﺴﺮﻳﺔ) ﻣﺎ ﻳﻠﻰ:
ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ ﺃﻱ ﻧﺺ ﻣﻐﺎﻳﺮ ﻓﻰ ﺃﻯ ﻗﺎﻧﻮﻥ ﺁﺧﺮ، ﻳﺤﻈﺮ ﻋﻠﻰ ﻋﻀﻮ ﻣﺠﻠﺲ ﺍﺩﺍﺭﺓ ﺃﻭ ﻣﺪﻳﺮ ﻋﺎﻡ ﻭ ﻣﺴﺘﺨﺪﻡ ﻓﻰ ﺃﻱ ﻣﺼﺮﻑ ﺃﻭ ﺃﻯ ﺷﺨﺺ ﺁﺧﺮ ﻳﻜﻠﻒ ﺑــﺄﺩﺍء ﺃﻋﻤﺎﻝ ﺭﺳﻤﻴﺔ ﺑﻤﻮﺟﺐ ﺃﺣﻜﺎﻡ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ ﺃﻥ ﻳﻘﺪﻡ ﻷﻱ ﺷﺨﺺ ﺃﻱ ﻣﻌﻠﻮﻣﺎﺕ ﺍﻭ ﺍﺣﺼﺎءﺁﺕ ﺗﺘﻌﻠﻖ ﺑﺎﻟﻤﺼﺮﻑ ﺃﻭ ﺑﺤﺴﺎﺑﺎﺕ ﺍﻟﻌﻤﻼء ﺃﻭ ﻣﻌﺎﻣﻼﺗﻬﻢ ﺍﻟﺘﺠﺎﺭﻳﺔ ﺃﻭ ﺍﻟﻤﺎﻟﻴﺔ ﻳﻜﻮﻥ ﻗﺪ ﺣﺼﻞ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺃﺛﻨﺎء ﻗﻴﺎﻣﻪ ﺑﺄﻋﻤﺎﻟﻪ ﺍﻟﺮﺳﻤﻴﺔ ﺑﻤﻮﺟﺐ ﺃﺣﻜﺎﻡ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ ﺃﻭ ﺃﻯ ﻗﺎﻧﻮﻥ ﺁﺧﺮ.
ﻭﻳﺴﺘﺜﻨﻰ ﻣﻦ ﺃﺣﻜﺎﻡ ﺍﻟﺒﻨﺪ -۱- ﺍﻵﺗﻰ:
(ﺃ) ﺍﻟﻤﻌﻠﻮﻣﺎﺕ ﻭﺍﻻﺣﺼﺎءﺍﺕ ﺍﻟﺘﻰ ﻳﻄﻠﺒﻬﺎ ﺑﻨﻚ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻥ ﺑﻐﺮﺽ ﻣﻤﺎﺭﺳﺔ ﺻﻼﺣﻴﺎﺗﻪ ﺍﻟﺮ ﻗﺎﺑﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺼﺎﺭﻑ ﻭﻻ ﻳﺠﻮﺯ ﺍﻓﺸﺎء ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﻌﻠﻮﻣﺎﺕ ﻭﺍﻻﺣﺼﺎءﺍﺕ ﺃﻭ ﺍﺳﺘﺨﺪﺍﻣﻬﺎ
ﻟﻐﻴﺮﻫﺬﺍ ﺍﻟﻐﺮﺽ.
(ﺏ) ﺍﻟﻤﻌﻠﻮﻣﺎﺕ ﻭﺍﻻﺣﺼﺎءﺍﺕ ﺍﻟﺘﻰ ﻳﻄﻠﺒﻬﺎ ﻭﺯﻳﺮ ﺍﻟﻌﺪﻝ ﺍﻭ ﺗﻄﻠﺒﻬﺎ ﻣﺤﻜﻤﺔ ﻣﺨﺘﺼﺔ.
۳- ﻻ ﻳﺠﻮﺯ ﺗﻘﺪﻳﻢ ﺍﻟﻤﻌﻠﻮﻣﺎﺕ ﺍﻟﻤﻨﺼﻮﺹ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻓﻰ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ ﻷﻯ ﺟﻬﺔ ﺑﺨﻼﻑ ﺍﻟﻤﺤﻜﻤﺔ ﺍﻟﻤﺨﺘﺼﺔ ﺍﻻ ﺑﻌﺪ ﺍﻟﺤﺼﻮﻝ ﻋﻠﻰ ﻣﻮﺍﻓﻘﺔ ﺍﻟﻤﺤﺎﻓﻆ ﻭﻳﻜﻮﻥ ﺗﻘﺪﻳﻢ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﻌﻠﻮﻣﺎﺕ ﻭﻣﻨﺢ ﺍﻟﻤﻮﺍﻓﻘﺔ ﻓﻲ ﺍﻁﺎﺭ ﺍﻟﺴﺮﻳﺔ ﺍﻟﺘﺎﻣﺔ ﻟﻠﻌﻤﻞ ﺍﻟﻤﺼﺮﻓﻲ.
ﻭﺑﻌﺪ ﻧﺤﻦ ﻧﺴﺄﻝ ﺃﻭﻻ ﻣﻦ ﻫﻰ ﺍﻟﺠﻬﺔ ﺍﻟﺘﻰ ﻁﻠﺒﺖ ﻣﻦ ﺑﻨﻚ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻥ ﻣﻌﻠﻮﻣﺎﺕ ﻣﻦ ﺍﻟﺒﻨﻮﻙ ﻋﻦ ﻗﺎﺋﻤﺔ ﺍﻟﺼﺤﻔﻴﻴﻦ ﻫﻞ ﻫﻮ ﻭﺯﻳــﺮ ﺍﻟﻌﺪﻝ ﺃﻡ ﻣﺤﻜﻤﺔ ﻣﺨﺘﺼﺔ ﻛﻤﺎ ﺣﺪﺩﺕ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ ﺃﻋﻼﻩ، ﺃﻡ ﺗﺮﻯ ﻫﻰ ﺟﻬﺔ ﻭﻣﺆﺳﺴﺔ ﺳﻴﺎﺳﻴﺔ ﺃﻭ ﺗﻨﻔﻴﺬﻳﺔ ﺃﻭ ﺣﺘﻰ ﺩﺳﺘﻮﺭﻳﺔ ﻓﺨﺎﻟﻔﺖ ﺑﺬﻟﻚ ﻗﺎﻧﻮﻥ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﺍﻟﻤﺼﺮﻓﻲ ﻭﺳﺮﻳﺘﻪ؟ ﻭﻣﺎ ﻫﻰ ﺍﻟﻤﺴﺌﻮﻟﻴﺔ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻧﻴﺔ ﻭﺍﻷﺧﻼﻗﻴﺔ ﺍﻟﺘﻰ
ﺑﻤﻮﺟﺒﻬﺎ ﻗــﺎﻡ ﺑﻨﻚ ﺍﻟــﺴــﻮﺩﺍﻥ ﺑﺘﻠﻚ ﺍﻟﻔﻌﻠﺔ ﺍﻟﺸﺎﺋﻨﺔ ﺍﻟﺘﻰ ﺍﻧﺘﻬﻜﺖ ﺳﺮﻳﺔ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﺍﻟﻤﺼﺮﻓﻲ ﻭﺍﻧﺘﻬﻜﺖ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ؟ ﻭﺭﺑﻤﺎ ﻳﻘﻮﺩﻧﺎ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻰ ﻗﻀﻴﺔ ﺃﺳﺎﺳﻴﺔ ﺗﺘﻌﻠﻖ ﺑﻤﻔﻬﻮﻡ ﺩﻭﻟﺔ ﺳﻴﺎﺩﺓ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ، ﺍﺫ ﺍﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﺼﺮﻑ ﺣﻴﺎﻟﻨﺎ ﻧﺤﻦ ﻣﻌﺸﺮ ﺍﻟﻨﺎﺷﺮﻳﻦ ﻭﺍﻟﺼﺤﻔﻴﻴﻦ ﻓﻴﻪ ﺍﺳﺎءﺓ ﺑﺎﻟﻐﺔ ﻭﺭﺑﻤﺎ ﻳﺤﺪﺙ ﻵﺧﺮﻳﻦ ﺍﻷﻣــﺮ ﺍﻟﺬﻯ ﻳﻀﺮ ﺑﻤﻨﺎﺥ ﺍﻻﺳﺘﺜﻤﺎﺭ ﻭﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩ ﻛﻜﻞ ﺣﻴﺚ
ﻳﺘﻢ ﺗﺠﺎﻭﺯ ﺍﻟﻘﻮﺍﻧﻴﻦ ﺑﺼﻮﺭﺓ ﻓﺎﺿﺤﺔ ﺗﺠﻌﻞ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﻋﻦ ﺍﺣﺘﺮﺍﻡ ﺍﻟﻤﺆﺳﺴﺎﺕ ﻟﻤﻮﺍﻁﻨﻴﻬﺎ ﺍﻟﺸﺮﻓﺎء ﺃﻣﺮﺍ ﻳﺜﻴﺮ ﺍﻟﺮﺛﺎء ﺳﻴﻤﺎ ﻭﺍﻥ ﻫﻨﺎﻙ ﻣﻦ ﺧﺮﻕ ﻗﻮﺍﻧﻴﻦ ﺍﻟﺜﺮﺍء ﺍﻟﺤﺮﺍﻡ ﻭﻏﺴﻴﻞ ﺍﻷﻣﻮﺍﻝ ﻭﻣﺎﺭﺱ ﺍﻟﻔﺴﺎﺩ ﻭﺍﻟﻨﻬﺐ ﺍﻟﻤﺼﻠﺢ ﻻ ﻳﺴﺎءﻟﻮﻥ ﺑﻞ ﻳﻜﺮﻣﻮﻥ ﺑﺎﻷﻭﺳﻤﺔ ﻭﺍﻟﻨﻴﺎﺷﻴﻦ..!! ﻋﺠﺒﺎ ﻓﺄﺑﻚ ﻳﺎﺑﻠﺪﻱ ﺍﻟﺤﺒﻴﺐ..
ﻟﻘﺪ ﺿﺮﺏ ﺑﻨﻚ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻥ ﺑﺨﻄﺎﺑﻪ ﺑﺘﺎﺭﻳﺦ ۱۳ ﻳﻨﺎﻳﺮ ﻟﻠﺒﻨﻮﻙ ﻟﻠﻜﺸﻒ ﻋﻦ ﺣﺴﺎﺑﺎﺗﻨﺎ ﺿﺮﺑﺔ ﻗﺎﺗﻠﺔ ﻟﺴﺮﻳﺔ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﺍﻟﻤﺼﺮﻓﻲ ﻭﺗﺠﺎﻭﺯ ﻗﺎﻧﻮﻥ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﺍﻟﻤﺼﺮﻓﻲ ﻓﻠﻴﺘﺤﻤﻞ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻤﺴﺌﻮﻟﻴﺔ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺨﻴﺔ ﻭﺍﻷﺧﻼﻗﻴﺔ ﻭﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻧﻴﺔ..