طه النعمان : سوريا.. بداية متعسرة للحل السياسي!
٭ كأنهم لم يصدقوا أن المعارضة السورية ستوافق على إرسال وفد إلى جنيف تعبيراً عن رغبتها في الحل السياسي.. وعندما فعلت- أواسط الاسبوع الماضي- اندفعوا للقتال والتصعيد في الريف الشمالي لحلب.. مارس نظام بشار سياسة الأرض المحروقة، بمدفعيته الثقيلة بعيدة المدى مدعومة بالمليشيات الأفغانية والعراقية والمستشارين الإيرانيين وبـالغارات الجوية الروسية المجنونة .. بينما وقف بشار الجعفرى السفير السوري لدى الأمم المتحدة مزهواً يلقى «الدروس والمواعظ الأخلاقية» على الثوار، ويتحدث دون أن يرف له جفن عن رفض التدخل الأجنبي في الشؤون الداخلية السورية !! قائلاً: إن المحادثات يجب أن تكون سورية- سورية على قاعدة الوطنية؟!!
٭ المعارضة السورية أرسلت وفدها الممثل للهيئة العليا للمفاوضات من الرياض إلى جنيف، استجابة لضغوط الأصدقاء والحلفاء.. وهي استجابة من قبيل «مع الكضاب لخشم الباب» أي لكشف الكذب والرياء الذي يمارسه الكبار لتجميل مواقفهم وغسل أيديهم الملطخة بدماء الأطفال والعجزة السوريين.. فهم لا يرغبون أصلاً في رؤية نهاية سريعة للحرب والاضطرابات التي تضرب المنطقة.. لا في سوريا، ولا العراق، ولا ليبيا، ولا حتى اليمن.. فالنهاية السريعة لتلك الإضطرابات تعني فشل (المشروع).. مشروع التقسيم التفتيت.
٭ كلمة صدق وسط أجواء المحادثات المتعسرة خرجت من لسان وزير الخارجية البريطانية فيليب هاموند.. قال الرجل إن موسكو تسعى إلى استغلال عملية السلام لاقتطاع «دويلة للأسد» عبر قصف مواقع المعارضة.. ولأن الكلام كان صريحاً ولاتهام كان مباشراً خرج نائب وزير الخارجية الروسي جينادي غايتلوف ليقول إن بلاده على استعداد للتنسيق مع واشنطن لوقف إطلاق النار في سوريا.. «أهو كلام والسلام».. وكأن الرجل نسي «الفيتو الروسي» الذي حرم الأمم المتحدة منذ العام 2011 من تدخل دولي حاسم لوقف بشار الأسد عند حده.. وكأنه نسي أيضاً الجسر الجوي للسلاح الذي أمد في أيام بشار ومكنه من إطالة أمد الحرب، وقتل مئات الآلاف من السوريين غير الجرحى وتشريد الملايين في الآفاق.. بل كأن بلاده لم تصبح مع الأيام شريكاً أصيلاً إن لم تكن الشريك الأكبر في حرب الإبادة التي تشهدها بلاد الشام.. تحت ذريعة الحرب على «داعش».
٭لا أدري عن أي وقف إطلاق نار يتحدث غايتلوف.. فماذا ستفعل بلاده ومعها الولايات المتحدة إذا وافقت على اقتراحه بالتنسي.. ماذا ستفعل بلاده ومعها التحالف الدولي لوقف إطلاق النار مع «داعش» والمنظمات المتطرفة الإسلامية التي لم ولن تنخرط في أي جهد للسلام.. لأنها تقاتل من أجل «النصر أو الشهادة» حسب دعواها ولا خيار آخر في أجندتها!
٭ المتحدث باسم المعارضة السورية في جنيف «منذر ماخوس» أكد إنه ليس هناك أي تقدم في مسار المفاوضات «غير المباشرة» التي تجري عبر الحركة الماكوكية للمبعوث الدولي استيفان دي ميستورا بين وفدي المعارضة والحكومة .. والذي بدا هو الآخر ليس أقل تشاؤماً من ماخوس فأعلن عن إمكانية انهيار المحادثات في أية لحظة، بالرغم من أنها تمثل «آخر أمل» للسلام، ولابد من فعل كل شيء لانقاذها، كما قال.
«فعل كل شيء» هكذا.. دون تعريف.. ما يجعل البحث عن السلام في سوريا كالبحث عن القطة السوداء في الظلام.. والله وحده علام الغيوب!!