محمد لطيف : مخرجات الحوار.. هل تطيح البرلمان
أمس تسلم رئيس الجمهورية مخرجات مؤتمر الحوار المجتمعي لولاية الخرطوم.. وما حدث بالأمس لا يستمد قيمته فقط من كون الخرطوم أول ولاية فرغت من عملها ورفعت توصياتها.. بل الأهم من ذلك أن مخرجات الحوار التي تحولت في لحظة ما.. إلى ما يشبه الغول والعنقاء والخل الوفي.. قد عادت وأصبحت أمرا واقعا يمكن رؤيته رأي العين والتعاطي معه.. وأن تقول جهة ما إنها فرغت من النظر في محاورها ووصلت إلى توصيات محددة ثم.. ترفعها لصاحب الشأن.. أو لصاحب الحوار.. وصاحب الحوار هو الرئيس.. فهو الذي أطلق المبادرة وهو الذي دعا لها.. وهو الذي يحدد موجهاتها حتى الآن.. وسنعود لذلك.. إذن أن ترفع ولاية الخرطوم توصياتها يعني أن بإمكان الحوار بمحاوره المختلفة أن يصل إلى نتائج محددة.. وتوصيات واضحة..!
والي الخرطوم سبق الحشد الشعبي الذي شهد رفع المخرجات بحديث للصحافة أكد فيه أن الحوار المجتمعي يتقدم من حيث الأهمية على الحوار السياسي.. لأنه يلامس مباشرة قضايا المواطن الحياتية.. وشواغله اليومية.. وهذا لا ينفي أن الحوار المجتمعي قد نظر أيضا في المحاور الرئيسة المطروحة في قاعة الصداقة.. كما سماها الوالي.. غير أنه كان قد عاد وأكد أن الحوار المجتمعي وجد إقبالا كبيرا من مواطني الولاية.. وترك صدى كبيرا كذلك.. لأنه ذهب مباشرة لحياة الناس.. من مأكل ومشرب.. وكساء ودواء.. وطرق ومواصلات.. وإلى آخر ما يشغل مواطن الخرطوم.. وأكد الوالي يومها أن عشرات التوصيات التي خلص إليها حوار الخرطوم المجتمعي سـتأخذ طريقها للتنفيذ حسب ما التزمت القيادة السياسية والمراجع العليا في الدولة..!
وهذا ما يعنينا اليوم مقروءا مع خطاب المشير البشير رئيس الجمهورية.. والذي ارتجله نهار أمس بساحة الشهداء جنوبي القصر الجمهوري.. عقب تسلمه لمخرجات الحوار المجتمعي لولاية الخرطوم.. وإن كانت متابعاتي دقيقة.. فلعلها التجربة الأولى كما اسلفنا التي تسلم فيها الرئيس مخرجات جانب من الحوار الذي أطلق مبادرته قبل عامين.. وخطاب الرئيس.. لم يبرح كثيرا الخطوط العامة.. ذات الصلة بالحوار الوطني.. والتي ظل سيادته يؤكد عليها في كل مناسبة.. وفي كل حين.. حتى أطلت المفاجأة من ثنايا الخطاب المرتجل..!
ولأول مرة.. وهذا على وجه اليقين.. أعلن رئيس الجمهورية أمام مسيرة ولاية الخرطوم نهار أمس وهو يجدد التزامه بتنفيذ مخرجات الحوار الوطني بمشتقاته.. باعتبارها توجيهات الشعب السوداني.. كما قال سيادته.. كان الجديد إعلانه المباغت بأن اللجان التي ناقشت وصاغت ورفعت توصيات الحوار.. ستظل قائمة لتكون رقيبة على التنفيذ.. والحق يقال لم يكن أحد يتوقع ذلك.. ولكنه مقروءا مع تأكيدات الرئيس الشخصية عن الحوار.. معطيات ومسارات ومخرجات.. يبدو متسقا.. بل ومنطقيا.. بل هو في الواقع ينقل طقس الحوار الوطني هذا كله إلى مربع جديد بالكامل.. هذا إن صح استنتاج المراقبين والمحللين لعبارة الرئيس الجديدة بالأمس..!
فإذا كان منظمو الحوار ومناصروه ومشايعوه والمشاركون فيه.. ينتظرون منه مخرجات تحدد وجهة السودان القادمة.. فهذا يعني أن تنفيذ هذه المخرجات لا يمكن أن يكون رقيبا عليها إلا برلمان.. فهل يعني حديث الرئيس هذا.. مقروءا مع عبارة وردت في ذات الخطاب أن مخرجات الحوار هي توجيهات الشعب السوداني.. هل يعني أن هيئة الحوار الوطني.. التي تضم نحو ستمائة وخمسين شخصا يمثلون مختلف الأطياف.. ستتحول إلى برلمان انتقالي يشرف على.. ويراقب تنفيذ المخرجات..؟ ويسبق هذا حل البرلمان الحالي..؟! ربما..!!!