احمد يوسف التاي : انتبهوا..الدور على دارفور
في 1993 قال (مارتن أنديك) – نائب رئيس مجلس الأمن القومي الأميركي الأسبق، والذي كان قد شغل منصب سفير أمريكا في إسرائيل – قال في كلمة له أمام معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى:(لقد غضضنا الطرف عن الحرب الأهلية في السودان وكنا نريد أن تتسع دائرة الصراع فيه لتصل البلاد إلى درجة من الضعف تمكن أمريكا من تقرير ما تريد).
وفي العام 2003 قال شارون رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق:(حان الوقت للتدخل في غرب السودان – دارفور – وبالآلية والوسائل ذاتها نقلاً عن أهداف تدخلنا في الجنوب).
أما وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي(أفي ريختر) من خلال محاضرته الشهيرة في العام 2008 والتي سار بها الركبان قال: (السودان بمساحته وموارده كان من الممكن أن يكون دولة إقليمية منافسة لدول عربية كمصر، والعراق، والسعودية، لكن أحداث الجنوب ودارفور فوتت عليه الفرصة، وكان حتمياً علينا أن نعمل على تفاقم الأزمة، وإنتاج أزمات جديدة فالسودان يُشكل عمقاً استراتيجياً لمصر). وكشف ريختر عن أساليب للدور الإسرائيلي في جنوب السودان انطلاقاً من قواعد أقيمت في إثيوبيا، أوغندا، كينيا، وزائير، وفي رأيه وهو ما أجمع عليه كل رؤساء الوزراء، واعتمدوه في مقولة “سودان ضعيف ومجزأ أفضل من سودان قوي وموحد” ويضيف” ريختر:(هناك قوى دولية تتزعمها الولايات المتحدة الأمريكية مُصرّة على التدخل المكثف في السودان لصالح خيارات تتعلق بأن يستقل جنوب السودان، وكذلك إقليم دارفور على غرار استقلال كوسوفو، ومن الطبيعي أن نسهم في تفعيل الدور الأمريكي، وإسناده فبدونه كانت إسرائيل ستواجه مصاعب في الوصول إلى دارفور بمنأى عن الدعم الأمريكي-الأوروبي”.
ويدعم ذلك كتاب وثائقي صدر عام2003عن مركز(دايان)لأبحاث الشرق الأوسط وإفريقيا بجامعة تل أبيب للعميد في المخابرات الإسرائيلية “موشى فرحي” والكتاب يحمل عنوان(إسرائيل وحركة تحرير جنوب السودان نقطة البداية ومرحلة الانطلاق)، متحدثاً عن تبلور الإستراتيجية الإسرائيلية في تثبيت أقدامها في السودان بهدف زعزعة استقراره واستنزافه المستمر، وتهديد أمنه.
ويرسم الكتاب ملامح الخطة التي طبقت وفق مراحل متتالية في اعتماد دول الجوار إثيوبيا، أوغندا، كينيا، وزائير للاتصال بحركة التمرد في إطار ما أسموها بسياسة شدّ الأطراف، ومن ثم في التحالف مع الجماعات الإثنية، وإقامة العلاقات الشخصية مع بعض القياديين، والدعم بكل فروعه، العسكري، السياسي، الاقتصادي، والإعلامي لحركات التمرد.
وفي إطار النظرة التوافقية التنافسية للدول المتحالفة يأتي الدور الأمريكي الذي تحركه المصالح الخاصة في نهب الثروات لا سيما النفط.
ويقول الخبير الاستراتيجي محمد علي الحلبي إنه حتى منتصف القرن الماضي لم يكن السودان في دائرة الضوء والحسابات الدولية لضعف إمكاناته، لكن وعندما اكتشفت شركة شيفرون الأمريكية النفط في السودان ومن ثم تخلت عن عقدها، فاختارت الخرطوم شركات صينية وماليزية لهذه المهمة مما حرك المطامع الأمريكية مجدداً.
إذن كثير من الوقائع والمعطيات تشير إلى أن هناك مخطط لفصل دارفور، بعد الجنوب، حتى تكتمل كل الأهداف الإسرائيلية الامريكية التي سبقت الإشارة .
يقيني أن المخطط مركزه (تل أبيب) وأن أمريكا تلعب الدور الأكبر في تنفيذه من خلال إجراءات تتخذها في مواجهة الخرطوم وفقاً لمصالحها مع إسرائيل.
وعليه يمكن الإشارة إلى أنه من الضروري جداً أن أي قراءة لمشروع القرار الأمريكي لحظر تصدير الذهب السوداني والذي أحبط تماماً، لابد أن تستند على تلك المعطيات التي استدعيتها تباعاً..