خالد حسن كسلا : مستوى حكم رابع مافي ليه قروش
> دارفور تبقى في مكانها ووقارها عبر الأزمنة ثابتة مثل جبلها «مرة» يعاود الحنين طول السنين من يشاهده ليعيد المشاهدة.. لكن غير الثابتة هي ريح التآمر الأجنبي منذ زمن سحيق.
> منذ ايام اليهودي النمساوي سلاطين رودلف الذي ركب للوصول إليها قطار الغفلة المنطلق من مصر حينها.. في حين أن القطار العادي يتوقف في أسوان لأن السكة الحديد هنا ليست بمقياس عرض السكة هناك.
> ومن ارادوا استفتاءً ادارياً لدارفور سواء في أبوجا أو الدوحة هم الآن يختارون نظام الولايات.. فلماذا إذن كنتم تتحمسون للاستفتاء أملاً في أن ينتهي إلى إقليم واحد.. وليس ولاية واحدة بحجم كبير مثلها مثل بقية الولايات، كما اشار الرئيس البشير أخيراً؟ فمن يتحمس للاستفاء يريد تغيير النظام الحالي في الإقليم.. لكن أن يعدل بعد ذلك عما اراد ابتداءً فإن في هذا بحث ودراسة ونظر. وحتى إذا كانت نتيجة الاستفتاء ولاية واحدة.. او اقليماً واحداً.. ترى كيف سيكون التقسيم الاداري في داخل الاقليم؟ كم معتمد وكم محلية.. هل جميعهم سيجتمع بهم الحاكم الذي يمثل مستوى الحكم الرابع في السودان؟ مستوى الحكم الرابع هذا حدثنا عنه أمس الأول مساعد رئيس الجمهورية ونائبه في الحزب بلغة دارجية فصيحة.. حيث قال: «مستوى حكم رابع ما عندنا ليه قروش».
> لكن ولاية واحدة بحجم دولة فرنسا يمكن أن توفر مرتبات وامتيازات ووقوداً وفواتير تلفونات واشياء أخرى، حينما يصبح الوالي واحداً وحكومته واحدة بدلاً من خمسة بخمس حكومات وخمسمائة مسؤول.
> وبهذا لن يكون هناك مستوى حكم رابع.. ونفس الفكرة لو انطبقت على الولايات نكون ابعدنا دارفور عن شبهة الخطوة الأولى في اتجاه مصير جنوب السودان.. وإن كانت هذه الحكومة حدثتنا عن امكانية عودة الوحدة مع الجنوب.. لكن أن تكون العاصمة بعد عودة الوحدة مكررة أم ستكون رامشيل.. الله أعلم.
> لكن يبدو أن الاستفتاء مراد به من الاساس تمرير أجندة أجنبية ثمنها الدعم والتمويل أول الأمر.. وهذا لا يعني إيقاف الحرب وخروج اليوناميد ببوابة استراتيجية الخروج.. لكن يعني تغيير المقاتلين وقادتهم.
> لكن حتى قبل مفاوضات أبوجا والدوحة وقبل أن يتراجع من طالبوا بالاستفتاء للإقليم الواحد على غرار جنوب السودان قبل الانفصال.. فإن أكثر من ثمانين في المائة من سكان دارفور لا يريدون تمييز ولاياتهم عن بقية ولايات السودان.
> يريدون أن ينتموا إلى كل السودان الذي أول من حكمه كدولة موحدة ابنهم سيد الشهداء السودانيين الخليفة عبد الله التعايشي. وقد يتساءلون عن التمييز: هل سيتمتع من سيأتي إلى إقليم دارفور بكل حقوق المواطنة؟ أم سيجد نفسه فيه شاعراً باللاانتماء إذا كان الاقليم يحكم بمستوى حكم رابع؟ وذات السؤال وهو الأحرج عن أهل دارفور في ولايات أخرى ابتداءً من ولايات كردفان.
> الآن نحمد لجماعة أبو قردة وجماعة دبجو وغيرهما أنهما تراجعا عن فكرة الإقليم الواحد بمستوى حكم رابع يشوه منظر الوطن ويؤثر سلباً على العلاقات الوطنية فيه كما كان مع جنوب السودان.
> يمكن أن يستدرك الإنسان أنه مخطئ في رأي وغير موفق فيه لاحقاً.. ودعك من الآراء.. فكم من الناس تخلوا عن آيديولوجياتهم القديمة واحزابهم العجوز بعد سنين طويلة ذبلت فيها زهرات شبابهم!!
> لكن السؤال نضعه أمام حاكم دارفور الأسبق عن حزب الأمة الدكتور التيجاني سيسي.. ما الحمكة في الانتقال بولايات دارفور إلى وضع يختلف عن بقية ولايات الوطن؟
> جماعة الترابي وعلي الحاج دقوا هذا الإسفين.. «تقسيم الولايات» لكنهم أخطأوا خطأ عظيماً حينما اطلقوا عليها تسميات بالاتجاهات.. شمال وجنوب وغرب. فكان يمكن أن يكون اسم دارفور الآن لولاية وسط دارفور فقط مثلاً، وتسمى الأخريات بأسماء عواصمها مثل كسلا والقضارف.. أو بأهم المدن فيها مثل سنار.. أو باسم يرمز لطبيعتها مثل البحر الأحمر ونهر النيل.
غداً نلتقي بإذن الله.