النور والتفسيرات لقمة البحيرات ..!
> فات على الأخ الأستاذ النور أحمد النور رئيس تحرير الزميلة «الصيحة» في مقاله أمس، كثير من المعلومات والحقائق حول قمة منظمة البحيرات التي كان مقرراً لها الانعقاد في العاصمة الأنغولية لواندا نهاية الأسبوع الماضي، والنور صحافي حصيف مقتدر يعرف كيف يجلب المعلومات ويستحلبها من مظانها ومصاردها مهما بعُد غورها وتعمق، لكن قدرته الفائقة في متابعة الأخبار والمعلومات، خذلته هذه المرة. فالقمة تم تأجيلها إلى نهاية مارس المقبل، وأعلن ذلك في آخر لحظة عشية حضور القادة ورؤساء الوفود، أي قبل ساعات من انطلقاتها، ولم تكن هناك أية مؤشرات تدل على أنها ملغية أو مؤجلة، حيث بدأت الوفود تتقاطر..
> ففي الوقت الذي كان فيه اجتماع وزراء الخارجية منعقداً مساءً في الليلة التي سبقت موعد القمة يوم الخميس الماضي، للتحضير وإعداد التقرير الختامي ورفع التوصيات والقرارات للرؤساء وقادة الوفود، كانت الوفود الرئاسية تصل تباعاً فقد وصل وفد نائب الرئيس البورندي، وممثل الرئيس الكيني، و وصلت وفود المقدمة للرئيس التنزاني والرواندي، وجاء الرئيس الأنغولي نفسه ليقيم في مقر المؤتمرات بقصوره الفخمة، بجانب الفندق الفخيم المخصص للرؤساء والقادة، لكن حدثت خلافات وتطورات في اللحظة الأخيرة، ولم تكن تخطر على بال أحد..
> فالخلاف الرواندي – البورندي حدث وتفاقم داخل المجلس الوزاري، بسبب القرارات التي سترفع للقمة حول الوضع في بورندي، وتبادل وزيرا الخارجية في الجانبين الاتهامات، وهددت كيغالي على لسان وزير خارجيتها بالانسحاب من الاجتماعات والقمة نفسها، اذا كانت الصيغة التي وضعت حول الأوضاع في بورندي في المقررات والتوصيات التي سترفع للقمة على ما هي عليه، وتم إبلاغ الرئاسة الرواندية ولم يعرف ما إذا كان الرئيس بول كاغامي سيصل إلى لواندا ام لا، وكانت الترتيبات الخاصة به قد اكتملت وكان يتوقع وصوله صباح يوم الجمعة قبل ساعتين او ثلاث من افتتاح القمة.
> أما بقية الرؤساء، فالرئيس الكيني أوهور كينياتا، اعتذر عن المجيء مسبقاً لوجود مؤتمر دولي مهم ينعقد في نفس التوقيت بنيروبي، فضلاً عن حساسية الموقف بينه وبين أنغولا، فالقمة كانت ستُعقد في كينيا كما هو مقرر سلفاً، وتدخلت جهات من خارج القارة (الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها الأوروبيين)، لإبقاء رئاسة القمة لدى الرئيس الأنغولي (إدواردو دي سانتوس)، لتحافظ كينيا على رئاسة الجهاز التنفيذي للمنظمة (السكرتير التنفيذي)، لأنه في حال انتقال الرئاسة للرئيس الكيني، لا يحق لكينيا الجمع بين منصب الرئيس وموقع السكرتير التنفيذي. أما الرئيس الزامبي، فقد كان على أهبة الوصول وتفصله أقل من ساعة ونصف بالطيران عن مكان القمة وحضوره كان صباح يوم الانعقاد، وكذلك الحال للرئيس الكونغولي جوزيف كابيلا الذي تبعده عن لواندا ساعة واحدة بالطائرة للحضور للقمة والعودة الى بلاده في نفس اليوم، ولم يفهم بعد موقف الرئيس اليوغندي يوري موسفيني وقد أكد على الحضور، ووصل وفد مقدمته لكن عندما دبت الخلافات بين رواندا وبورندي، والخلاف حول الترتيبات والتدابير في منطقة شرق الكونغو، آثر موسيفني حتى اللحظة الأخيرة عدم المجيء ليفاجئ الجميع وكانت لديه برناج حافل من اللقاءات من بينها لقاء مع نائب الرئيس الأستاذ حسبو محمد عبدالرحمن وقد وصلت وفود المقدمة لهؤلاء الرؤساء، بينما حددت دول من البداية أن وزراء الخارجية سيكونون هم رؤساء الوفود للقمة مثل دولة جنوب السودان وملاوي.
> وبينما كان وزراء الخارجية في اجتماعات متطاولة ومكثفة مع اتساع الخلاف في الملف البورندي الرواندي، كانت تجري معركة أخرى حول منصب السكرتير التنفيذي للمنظمة، وهو المنصب المقرر أن يكون من نصيب السودان لو تم التوافق ورفع الأمر للقادة في صبيحة اليوم التالي، ودخلت على الخط جهات غربية تسعى لإفشال القمة لقطع الطريق أمام السودان والحيلولة دون توليه السكرتارية التنفيذية، وجرى تحريض بعض الدول الأعضاء، واتضح ذلك من التنعت والاستقطاب الذي حدث وأدى لمحاولة حسم مسألة السكرتير التنفيذي بالتصويت في المجلس الوزاري.
> فما حدث لا علاقة له بما كتبه الأخ النور، وهو أمر يحدث في قمم كثيرة داخل إفريقيا والعالم الثالث وحتى في أوروبا والعالم الأول، حيث يتم تأجيل الاجتماعات على مستوى الرؤساء في حال حدوث خلافات كبيرة داخل المجلس الوزاري لوزراء الخارجية بسبب عدم الاتفاق على القرارات والتوصيات والمقررات التي يعدها أصلاً وزراء الخارجية ويرفعونها للقادة والرؤساء الذين لا يجلسون لنقاش التفاصيل، فهذه متروكة للوزراء، الرؤساء فقط يوافقون ويتفقون على ما خرجت به الاجتماعات الوزارية. وقد ألغيت قمم كثيرة من قبل لاتفه الأسباب..
> فما حدث بالفعل كان مفاجئاً حتى للأنغوليين أنفسهم، وقد صرفوا ما يقارب الثمانية وأربعين مليون دولار في التحضيرات والتجهيزات للقمة من ناحية الإقامات ووفود إحدى عشر دولة، والسيارات ووسائل النقل والتأمين والسكرتارية وتفريغ مئات الموظفين، وإقامة المراكز الإعلامية والنشاطات المصاحبة وتحديث الطرق والمطار والمرافق التي كانت ستخدمها القمة، فهل حسب ما ذهب إليه النور أن الأنغوليين لم يكن يعلمون هل هناك قمة أم لا..؟ أم أن الأمر حدث في الساعات الأخيرة عشية انعقاد القمة.. وهو أمر طبيعي فيه عشرات الشواهد سوابق قبله..