السودان القادم فى الزمن الضائع
ستون عاما بعد الاستقلال ومازال السودان فى مؤخرة الركب لدول العالم الثالث فى شتى المجالات ومتصدرا دول العالم فى الفقر والفساد والصحة والبيئة والاقتصاد . الغريب فى الأمر بأن بلدا مساحته كانت حوالى 2 مليون كم مربع ويتميز بتعدد قبائله وثقافاته ومناخه ويجرى فيه النيل بفروعه من جنوبه الى شماله . بلد يمتلك مقومات الزراعة والصناعة والرعى والتعدين والأيدى العاملة لكن فشلت حكوماته فى الاستفادة من تلك الخيرات والنعم الكثيرة . تعاقبت عليه الحكومات العسكرية طويلة المدة والوطنية قصيرة الفترة لكن جميعها لم يفلح فى وضع دستور دائم يحفظ حقوق المواطن والدولة ولم يفلح فى الاستقرار والتنمية ووحدة الصف حتى أصبح كل إقليم يفكر فى الانفصال وخاصه بعد إنفصال الجنوب .
الخلل ليس فى العقول التى تفكر وتخطط من أبناء هذا الوطن لان الكثيرون منهم أثبت نجاحه وتفوقه خارجيا فى التنمية والاقتصاد والتخطيط والطب والتعليم والإدارة ومن كان فى الداخل لم يجد الفرصة ليثبت نجاحه . بالأمس يخطب الرئيس فى شرم الشيخ فى مؤتمر الكوميسا 2016 م ويقر بأن السودان من أغنى الدول الإفريقية وهذه الشهادة والإقرار يدل على فشل شعبه وحكومته لان اليوم السودان غير مستقر سياسيا وأمنيا ومنهار إقتصاديا وأصبح الفقر والمرض والجهل منتشر ولا يخفى على الكثيرون أحوال شعب السودان فى مختلف الولايات وعقد عدة مؤتمرات داخلية وخارجية لدعم تلك المناطق وخاصه شرق وغرب السودان . إذا هذا دليل على فشل سياسة التنمية والاقتصاد وفشل مكافحة الفساد والإستقرار لان بعد كل هذه السنوات من الحكم نعترف اليوم بأن السودان من أغنى الدول ولا يستطيع أن يصبح الشعب غنى بفضل الله ثم تلك الموارد الكثيرة .
البنيات التى تركها الإستعمار من خطوط حديدية ونهرية ومشاريع مروية وجسور وخزانات لتوليد الكهرباء وتنظيم حركة المياة ومصانع ومحالج وغيرها لم نستطيع أن نطورها ونعمرها بل طالها الفساد والدمار. كيف لنا أن نفتخر بأن منظمات الإغاثة الخيرية العالمية تقدم خدماتها فى وسط الأراضى الزراعية الخصبة والثروة الحيوانية الكبيرة وكيف لنا أن نفتخر بأن عاصمتنا التى كانت تستقبل الوفود ويعقد فيها المؤتمرات ويصدر منها القرارات المصيرية بأنها أصبحت اليوم تعانى من نقص مياة الشرب وإنقطاع الكهرباء وتكدس القمامة فى اسواقها وطرقها وأحياءها . كيف لنا أن نفتخر بأننا نمتلك الأراضى الخصبة ولا نستطيع أن يكون لنا مشروعا زراعيا ناجحا . شعب أغنى دولة يهاجرون ليعملون بحرف الزراعة والرعى فى الدول الأخرى وهم يملكون الأرض والمياة والثروة الحيوانية . شعب أغنى دولة يتعالجون خارجها لعدم توفر الخدمات الطبية والإمكانيات . شعب أغنى دولة يتعلمون أبناءهم فى دول مثل الهند ومصر و ماليزيا والفلبين . بينما إنجازات الحكومة الحالية 52 مستشفى ينقصها الكادر الطبى والتجهيزات والمبانى الصحية و22 جسرا إنهار بعضها وبعضها عائده أقل من تكلفته و44 مصنعا متعطل أكثرها بسبب تكاليف التشغيل والضرائب وقطع الغيار وبنى أكثر من 2300 مدرسة وأكثر طلابها يجلسون على الأرض وينقصهم الكتب والمعلمين ومنهج التربية الوطنية . كيف نكون أغنى دولة ؟؟
لنستفيد من الفرص المتاحة اليوم أمامنا والإنفتاح العربى والصينى ونستغل رؤس الأموال التى تتدفق علينا فى التنمية وأهم شىء الزراعة لنحى تلك المشاريع التى كانت مصدر تمويل للسودان ونوسع فى مجال الثروة الحيوانية بتوفير المراعى والسلالات الجيدة ونهتم بمناطق السافانا والمحافظة على الغابات وأشجار الهشاب التى تدر عائدا كبيرا ونعبد الطرق لتسهيل حركة النقل من مناطق الانتاج الى مناطق الاستهلاك والتصدير ونهتم بالصناعة والسياحة ونطور الإعلام وخاصه الإعلام الزراعى والصناعى لجذب الإستثمار ومحاربة الفساد والتهريب وإقامة المؤتمرات والندوات ليعرف العالم هذا البلد الغنى فى إفريقيا .
نصيحة : نحتاج لتقييم المسئولين فى وظيفتهم وأمانتهم من قبل الشعب . كسره : من الذى يقييم أداء الوزراء والولاة فى مجال عملهم . هل الرئاسة أم مجلس الوزراء ومجلس الولايات أم البرلمان أم الشعب ؟