هاشم كرار : في الصبر حلاوة الدنيا
اصطبر على الأذى، ففي الصبر نعمة.. والله يوفي الصابرين أجرهم، بغير حساب.
صديقي احمد الطريفي، من الصابرين. صبره يثير فيني نوعا من الفرح الغريب. لا أحسده، وإنما يثير فيني شرف المنافسة، غير انه يكسب في كل مرة، المنافسة بشرف.
لنا أصدقاء مشتركون. بالامس هاتفني من السودان، وهو يمزح في شيء من الجدية: وجودي في السودان والمياه شحيحة في المواسير، برغم أن النيل بمسافة( ورد إذا ورد البحيرة) يلهمني الصبر الجميل. يضحك قبل ان يردف: ووجودي بين الأصحاب فلان وفلان وفلان، يجعل مني أيوبا، غير أني عما قريب سأرفع الكف، وأدعو بدعائه: ربي إنني قد مسني الضر، وأنت أرحم الراحمين!
يااااا ه، مالحياة، لولا إلتذاذ الروح، بالتهكم البريء- أحيانا- مع الأصحاب، عن أصحاب؟
قلت له، وأنا أتخيّل مضايقات الثلاثة- عن طيب خاطر- لصاحبي: ربي يعينك. اصبر عليهم ياصاحبي، فإن الله مع الصابرين.
أنظروا إلى الآية. الرب مع الصابرين.
أصبر، على كل الأذى- ما تكشف لك وماتخفى- وتيقن أن معك الصبور، يمدك على صبرك، بفيوض من الصبر.. وهو معك.
لا تحزن، من معه الرب، لا يحزن.. ولا يتضايق، ولا يضيق منه صدرا.
«لا تحزن إن الله معنا»
تلك آية عظيمة من آيات الكتاب العظيم.. وقصتها معروفة:
الخروج من مكة. الغار.المشركون يتعقبون آثار النبي وصاحبه أبي بكر الصديق.. حتى إذا ماوقفوا بمدخل الغار، توجس الصديق مخافة.
هنا يقول الصديق: يا رسول الله لو نظر أحدهم إلى موطئ قدمه لرآنا.
فيجيئه الرد سريعا، مطمئنا من الرسول الكريم: يا أبا بكر ما ظنك باثنين الله ثالثهما؟.
الآن..أنت الصابر: ماظنك بالله، والله معك؟
اصبر ياصاحبي.. اصبر. اصبر على كل نقص في الثمرات والانفس. اصبر على المرض. اصبر على الصحة. اصبر على الغنى.. اصبر على الفقر. اصبر على الجوع.. اصبر على الشبع. اصبر على الضحكة.. اصبر على البكية.. مارس في كل أحوالك نعمة الصبر، واملأ نفسك بفرحة أن الله معك.. والله مع الصابرين.
تلك حلاوة، ستحسها في روحك.. وفي كل أقطار نفسك.. ووجدانك.
تلك هي حلاوة الدنيا.