موسى يعقوب : “الحسن الميرغني” و”عبد الرحمن الصادق” الفجوة كبيرة..!
لعبت الظروف المتغيرة في البيتين والحفيدين الكبيرين التقليديين دوراً في أن يتحفنا كل منهما بطبعة جديدة من الرموز الشابة التي قصد منها أن تكون بديلاً للآباء -في حدود ما تيسر– فليس من ابن يشبه أباه بالكامل.
وما نعني بما نقول هنا:
{ السيد “الحسن الميرغني” ابن السيد “محمد عثمان الميرغني” الذي ألقي به مؤخراً وبعد غياب والده الطويل عن الحزب ممثلاً لأبيه في الحزب وللحزب في السلطة مساعداً أول لرئيس الجمهورية.
والسيد العميد أ ح “عبد الرحمن الصادق” الذي انخرط في السلطة مساعداً لرئيس الجمهورية بمبادرة منه ورضا محدود من والده رئيس الحزب وليس الحزب..!
فالأول “الحسن الميرغني” ورغم التفويض الحزبي الذي يتمتع به من قيادة الحزب وراعي الطائفة الختمية لم يبدُ بحجم ما فوض به وأوكل إليه من مهام سيادية.. وذلك ما لا يقال رجماً بالغيب وإنما تأسيساً على ما صدر عن الرجل ومنه في شأن الحزب، وما انتابه من صراعات وتشققات وانقسامات.. حيث كانت له تصريحات وبيانات (فرقت ولم تجمع) ولم يكن له ما يدعم شراكة حزبه مع الحزب الحاكم ولا المقعد الأنيق الأثير الذي منح له في سدة الرئاسة. وكان ينبغي أن يبرز من خلاله عطاءه ودوره في البناء والتنمية والاستقرار الوطني، والحزب الاتحادي (الأصل) أيضاً.. وغير ذلك كان ينتظر منه أن يترك ما في باله من قرارات إزاء الشراكة في السلطة أو إعادة هيكلة الحزب وبنائه وترتيب قواعده وقياداته إلى المؤتمر العام للحزب الذي غاب طويلاً وطال انتظاره.. ويتوقع له أن يتم قريباً.
السيد “الحسن” (الابن) وهو الذي يشكو عدم تمكينه من أداء دوره في سدة الرئاسة، تقول الوقائع إنه كان الأكثر غياباً من موقع عمله في القصر ولم يظهر له نشاط وحراك يذكر في إطار برنامج الرئاسة والدولة، والمبادرة في ذلك تكون من قبل من أوكل إليه الأمر الذي أدى القسم من أجله وظل يتقاضى حقوقه ومكافآته.. ولكن السيد – حفظه الله – يلقي باللائمة على غيره، وذلك ما يخصم منه ولا يضيف إليه.. فالفكرة والخبرة – فيما يبدو – غائبتان تماماً عن الرجل.
وعلى النقيض من ذلك – فيما يبدو أيضاً وتصدقه الوقائع – يجد المراقب والمتابع للشأن السياسي والطبعات الجديدة من الأحزاب والطوائف، أن العميد “عبد الرحمن الصادق” الذي ظهر على المسرح الرئاسي دون تفويض من حزبه وبلا سند أسري، إلا من الأب (بحياء) أكثر عطاءً وحنكة في الموقع الرئاسي الذي أسند إليه وهو مساعد رئيس الجمهورية.
العميد “عبد الرحمن” لم يلق بالاً لما كان يصدر من نواب رئيس الحزب والحزب من غضبات على النظام الحاكم وحزبه المؤتمر الوطني ولا على مبادرته الشخصية في الالتحاق بالسلطة في أعلى مستوياتها والقيام فيها بكل ما يجب، فمن منا لا يرى حراك الرجل ومشاركاته في كل الأنشطة التي تعمر بها المائدة السياسية والتنفيذية، بل وشكره وثناءه للسيد رئيس الجمهورية ونوابه ومسؤوليه الذين يعمل معهم.
وهذا كله يختلف مع ما انتهى إليه السيد “الحسن الميرغني” من عدم رضا على الشراكة السياسية وعلى وجوده في الموقع الذي أسند إليه وهو كبير بالتقويم الرئاسي والدستوري.. فالعميد “عبد الرحمن الصادق” أضاف لجهوده الرسمية قيامه بجمع سلاح (جيش الأمة) الذي كان يقوده وضم منسوبيه لبرنامج إعادة الدمج وجمع السلاح الذي تضطلع به الدولة.. وذلك ما يعالج مشكلة عانى منها حزب الأمة القومي.
الرجل “عبد الرحمن الصادق” وإن لم يكن يمثل الحزب وبتفويض إلا أنه كانت له مبادراته في تقريب الشقة بين والده زعيم الحزب وإمام الأنصار والنظام عبر رحلاته المتعددة بين الخرطوم والقاهرة. ولم تكن له خصومة سياسية أو أسرية مرئية مع قيادات حزبه وأشقائه وإن كان التناقض واضحاً بين ما يقوم به هذا الطرف وذاك.
فقد حافظ العميد “عبد الرحمن” على أنصاريته ومطلوباتها كما ظل يدُعى (الأمير عبد الرحمن) وعلى علاقاته الأسرية. كما لم يكن له مع الحزب ما كان بين السيد “الحسن الميرغني” مع بعض قيادات حزبه الذين وصفهم بـ(الدواعش)..!
وأكثر من ذلك يمكن القول إن السيد العميد قد كسب الكثير من الخبرة والشهرة والتجربة من مبادرته في الالتحاق بالسلطة وهو يتجول في مختلف أنحاء البلاد ومع مختلف المنظمات والجهات، في الاحتفاء ببرامجها ومشروعاتها.. وهو ما لم يتمتع به غيره في الحزب.
لهذا نقول وبصراحة ومصداقية إن (الفجوة) بين السيدين “عبد الرحمن الصادق” و”الحسن الميرغني” كبيرة، إذ منهما من كسب وأحال موقعه إلى (عائد سياسي مجزٍ) ومن لم يربح سياسياً بل خسر.
والله أعلم