عامر باشاب : “الخرطوم” (أم الحفر) إلى متى؟!
{ كثيراً ما أشرنا إلى اللافتات التي تعتلي قمة مباني مؤسسات معنية بأمر التخطيط والهندسة والتطوير والتنمية في عدد من المواقع داخل ولاية “الخرطوم”.. ولكنها وللأسف الشديد واقع الحال يؤكد عكس ما تعلن عنه لافتات تلك المؤسسات.. وهنالك الكثير من الظواهر التي تكشف وتؤكد عدم التخطيط وغياب التطوير وأبسط دليل على فشل الإدارات المعنية بالهندسة في الولاية والمحليات.. عدم إتباع الأساليب الهندسية السليمة في تخطيط المدن أو المناطق السكنية.. ولذلك ظلت شبكات الصرف الصحي في حالة طفح دائم ومستمر مشكلة أزمة صعب حلها بصورة جذرية.. حيث ما زالت العديد من المناطق في ولاية “الخرطوم” خاصة الأحياء الراقية في قلب العاصمة الخرطوم.. (الخرطوم شرق) و(حي العمارات) ومنطقة المقرن.. ما زالت هذه الأماكن التي توجد بها العديد من مقار البعثات الدبلوماسية وغيرها من الهيئات والمنظمات الأجنبية.. ظلت تعاني من تكرار طفوحات الصرف الصحي والذي استحق أن يطلق عليه (الصرف غير الصحي) نسبة لتهديده لصحة الإنسان وتسببه في أذية الجميع خاصة (المصلين) الذين كثيراً ما تفسد طهارتهم بسبب ما يصلهم من رشاش المياه الآسنة عبر إطارات السيارات التي لا يراعي أصحابها حال (الراجلين).
{ وهناك أيضاً ظاهرة (الحفر) التي دائماً ما نراها على الشوارع خاصة في الأحياء السكنية.. شركات الاتصالات (تحفر) بي اتجاه.. وهيئة المياه (تحفر) بي اتجاه.. وهيئة الكهرباء (تحفر) وناس (الصرف الصحي) (يحفروا).. هذا خلاف (الحفر) الكثيرة والكبيرة في شوارع (الظلط) الرئيسية التي (تظلطت) بسبب عدم إتباع المواصفات الدقيقة في سفلتة الطرق وتنفيذها دون وضع اعتبار لإنشاء منافذ ومعابر وكباري لتصريف مياه الأمطار وغيرها من المياه التي تنبع فجأة ودون مقدمات على ظهر الطرق.. إلى أن تحولت العاصمة “الخرطوم” إلى شيء أقرب من (أم الحفر)، ومن أكثر الشوارع التي تعرضت للحفر العشوائي.. شارع السيد “عبد الرحمن” الذي تم حفره قبل ما يقارب العام وما تزال الحفر قابعة تنتظر من يأخذ بيدها.
{ والسؤال الذي يطرح نفسه بقوة: لماذا في ما يخص التخطيط ظللنا نتراجع للخلف.. في السابق كانت جميع المؤسسات الحكومية خاصة الهندسية.. كانت تحرص على العمل بنهج التخطيط والمتابعة والمراقبة.. ويظهر ذلك (التخطيط) لتصريف مياه الخريف في خط السكة الحديد وفي شوارع الأسفلت القديمة وفي تخطيط الأحياء السكنية العريقة وفي توصيلات الكهرباء، وشبكات المياه القديمة وغيرها من البنى التحتية التي ورثناها من أجدادنا وقبلهم من الإنجليز وما زالت محافظة على بقائها بذات الجودة.
{ بالفعل عدم التخطيط أصبح سمة ملازمة لنا كسودانيين، فكل شيء في هذا البلد ينفذ بدون تخطيط وبدون دراسة مسبقة وبدون تحوطات وبدون توقعات وتنبؤات، ولذلك نظل نعيش الأزمات، وننتظر المفاجآت الكارثية.
{ وطالما أننا لا نستفيد من أخطائنا ولا نعترف بفشلنا ولا نحاسب أنفسنا.. سنظل على هذا الحال متقوقعين في (أم الحفر).