لطيفة اللوغاني : الحقد والحسد أمراض قلبية خطيرة
الحسد والحقد من أكثر الصفات البشعة التي تمنع الناس من الانجذاب إلى الشخص الحاقد والحاسد، نجد البعض للأسف يكره الناس فجأة، ويحسدهم على نعمهم ويحقد على ما رزقهم الله من عطايا، والبعض الآخر نجده يفاضل بينه وبين الآخرين، ويكره ما بهم من نعم ويتمنى زوالها!
لهذا أيها الحاقد أناشدك بضرورة الالتزام بآداب التصرف، ولا داعي لإبراز حسدك وحقدك!
تقربك من ربك واحترامك للذوق والتزامك بالإتيكيت، والتصرف الراقي المحترم، يساعدك على الابتعاد وتجنب تلك الصفات البشعة العدائية، واعلم أن الله قد أنعم عليك بنعم كثيرة، فلا يشترط أن تكون ثريا أو وسيما أو من أسرة عريقة أو من طبقة مخملية، لكن بعقلك الذكي الرزين، وبروحك النقية وبقلبك الشريف، وبلسانك الأنيق يمكنك القضاء على هذه الأفكار التي تراودك، وتأكد أن الله عادل في أرزاقه ونعمه، وأنك ممن منحهم الله من النعم ما لا يعد ولا يحصى!
لنفترض أنك رأيت صديقة جميلة أو قريبا وسيما وأنيقا، أو شخصا لبقا وذكيا اجتماعيا، والجميع يحبه ويحترمه، أو على سبيل المثال رأيت رجلا يقود سيارة فخمة، ويرتدي ساعة باهظة الثمن، فلماذا تتغامز وتلمّح بالكلمات الجارحة القاسية، وتعدد عيوبه ومساوئه أمام الناس؟ ما يدريك ربما يعاني من مشاكل أسرية، أو ربما يعاني من مرضٍ ما أصابه، أو أصاب أحدا من أبنائه، فلماذا تحقد عليه أو تحسده؟
بل بالعكس، إذا قابلت رجلا كهذا فامنحه من كرم أخلاقك وحبك، وكلماتك الحنونة بالمدح والثناء، وأخبره بمشاعرك، فإذا كان أنيقا فلماذا تحتفظ بتلك المشاعر لنفسك؟ يمكنك الحصول على ثقة الجميع ومحبتهم بالثناء، وإبراز مزاياهم والدعاء لهم بالخير والبركة والنجاح، واعلم أن الشخص الذي همست في أذنه بفاحش القول حول هذا الرجل، سوف يشهّر بك وسيحكي للآخرين عما زل به لسانك، والنتيجة ستكون محزنة، لأنه سيحذّر الناس منك، وسيتجنّبك الجميع، ويشككون في كل تصرفاتك ونظراتك وهمساتك، ومن ثم تصبح منبوذا بينهم، لهذا ابتعد عن الغمز واللمز، وتجنّب إبراز العيوب في الآخرين؛ حتى يحترمك الجميع!
علاج هذه الأمراض القلبية يكون بالحب والطهر والقناعة والرضا، والقبول بما كتبه الله لك، فإذا تخلصت من تلك الأمراض فستعيش بين الناس بقمة السعادة والراحة، وأساس كل هذا يعتمد على قدرتك في إظهار مزايا الآخرين، وإخفاء عيوبهم كما تخفي عيوبك!
إن الشخص الذي يحبك ويحترمك ويثني عليك، ما من شك ينال قدرا كبيرا من احترامك وتقديرك، على عكس الآخر الذي يؤذي مشاعرك بمهاجمتك واستفزازك ونقدك وإبراز عيوبك!
لذلك عزيزي القارئ يمكن أن تتعرض لهؤلاء ويحسدونك ويحقدون عليك وعلى نجاحك، أو نموك الوظيفي السريع، أو شكلك الخارجي أو صحتك أو حياتك الشخصية السعيدة، وعليك أن تعرف إتيكيت التعامل معهم، وأولها أن تكون لبقا، ولا تتحدث كثيرا عن نفسك، ولا تشاركهم بأخبارك السعيدة، ولا تحاول إظهار تفوقك الشخصي عليهم، بل كن ذكيا وحاول أن ترفع ثقتهم بنفسهم وترفع من احترامهم لذاتهم!
قال رسولنا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم: (إذا رأى أحدكم من نفسه أو ماله أو أخيه ما يعجبه فليدع له بالبركة، فإن العين حق)، رواه النسائي والحاكم وصححه الألباني في صحيح الجامع.
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تحاسدوا، ولا تباغضوا، ولا تجسسوا، ولاتحسسوا، ولا تناجشوا، وكونوا عباد الله إخوانا..
أخرجه البخاري