نظافة العاصمة
* أتفق مع الحبيب جمال علي حسن في أننا بحاجة إلى تشريعاتٍ جديدة، تعظِّم الاهتمام بالنظافة، وتحاسب من يتسببون في (توسيخ) الطرقات، لكن حاجتنا إلى جهدٍ حكومي ملموس، وعمل منظم وفعال في الملف المذكور يجب أن يسبق إقرار تلك التشريعات.
* نظافة العاصمة مثلاً، لا يمكن أن تتم باستئجار عمال يستخدمون مكانس يدوية لإزالة التراب عن بعض الطرقات الرئيسة، لأن تلك الأتربة سرعان ما تعود إلى مكانها السابق، محمولةً على إطارات السيارات.
* حتى تنظيف الأحياء لن يتم بإلزام سيارات النفايات بالانتظام في عملها، لأنها ترمي أكثر مما تجمع، بخلاف أنها نادراً ما تحضر في وقتها، ولو فعلت فلن تضيف شيئاً لملف النظافة، لأن المواطنين يضطرون إلى ترك نفاياتهم في طرقٍ تزخر بكلابٍ وقططٍ ضالة، تتولى نبش تلك البقايا، وتنشرها في كل مكان، فيستحيل جمعها.
* لا يمكننا أن نفرط في لوم المواطنين على رميهم لمخلفاتهم في الشوارع، طالما أن مواعين جمعها غير متاحة لهم، بخلاف أن سيارات النفايات نادراً ما تأتيهم في وقتها، على الرغم من أن المحليات لا تتأخر في تحصيل رسوم النظافة من المواطنين.
* في العديد من الدول يصبح الاهتمام بالنظافة، والامتناع عن رمي المخلفات كيفما اتفق واجباً يفرضه اهتمام البلديات بوضع مواعين على جوانب الطرق، أو بربطها في أعمدة الإنارة، كي لا يضطر السائقون إلى فتح نوافذ السيارات وقذف المخلفات في عرض الطريق، مثلما يحدث عندنا في السودان.
* عندما تهتم المحليات بأمر النظافة، وتبذل جهداً ملموساً توفر به أوعية النفايات للكافة، وتقر منظومة ناجحة لجمع المخلفات تنتفي مبررات رميها في الطرقات تلقائياً.
* المحزن حقاً أن بعض المحليات تشارك في (توسيخ) شوارع العاصمة، مثلما يحدث في المنطقة الواقعة جنوب جسر المسلمية، في قلب الخرطوم، حيث يتم (تكويم) مخلفات البناء الخاصة بمشروع إزالة الجسر المذكور، أمام مجمع طلعت فريد الرياضي، وعلى مرمى حجر من رئاسة شرطة الدفاع المدني، وعلى بعد أقل من مائة متر من أكبر مستشفيات العاصمة القومية.
* حتى فتح مصارف المياه استعداداً لموسم الأمطار يتم بأساليب متخلفة، لأن المكلفين بتلك المهام يتركون الأتربة على جوانب المصارف، فتعود إلى مكانها بسرعة، أو تبقى حيث هي، لتلتهم جانباً من الأسفلت، وتصعب حركة المشاه والسائقين، مثلما يحدث في طريق أم دوم، بمحلية شرف النيل.
* نظافة العاصمة مرهونة بإقرار نظام متكامل، يتم فيه رصف كل الشوارع، وتوفير مواعين ثابتة لجمع النفايات، في الأحياء وعلى جوانب الطرق، مع الاجتهاد لرفع معدل الوعي البيئي للمواطنين، وإقرار تشريعات تحاسب المخالفين بصرامة.
* على محليات العاصمة أن تخاطب مواطنيها بلغة البيان بالعمل، وتجتهد لإقناعهم بأنها مهتمة بالنظافة، ومجتهدة لتوفير مقوماتها، وساعية لإعانة الناس على التخلص من نفاياتهم أولاً بأول، وبعد ذلك يمكنها أن تأخذ المخالفين بالشدة، وتعاقب كل مستهترٍ يرمي مخلفاته في عرض الطريق.