هاشم كرار : «التيار» أصبح جارفاً!
(التيار) أصبح جارفاً.. وما بين القوسين هو اسم صحيفة سودانية، أغلقتها السلطة بفرمان رئاسي.
البارحة، احتشد صحفيوها.. وصحفيون مناصرون، في وقفة احتجاجية، كمموا فيها أفواههم، رمزاً للإضراب عن الطعام.
إغلاق الصحف، بفرمانات – رئاسية أو أمنية- في السودان، يتعارض كلياً مع قانون الصحافة والمطبوعات.. بل إنه يشكل انتهاكاً فاضحاً لهذا القانون.. وهو يكشف- في الوقت ذاته- أن السلطة لديها ما تخاف منه، وليس لديها ما تخاف عليه!
في الأنظمة الشمولية، عادة، تصبح علاقة هذه الأنظمة مع الصحافة، علاقة متوترة باستمرار.. علاقة يشوبها الشك، وما أكثر شك نظام الخرطوم، في الصحافة، وشكها في الصحفيين.. وما أكثر بالتالي فرماناتها.
لو كان نظام الخرطوم، يدرك تماما أن لكل فعل رد فعل مساويا له في القوة، ومضادا له في الاتجاه، لما كانت قد ضيّقت على الصحفيين، ولما كانت قد استسهلت منازلتهم، في هذا الوقت الذي أصبح فيه، كل شيء مكشوفا للعالم كله.
الصحفيون لهم أدواتهم في المنازلة: الخبر والمقال والصورة.. وقد نازل صحفيو (التيار) السلطة في عقر دارها بهذه الأدوات، وكشفوا للعالم- بالتالي- خور سلطة ترتعد من مجرد صحيفة!
السودان، في ذيل قائمة الدول التي تنتهك الحريات الصحفية..
هذا ما يقول به العالم، في زمن الحرية.. في زمن «لا لحجب الحقيقة» و«حق الصحافة في تمليك هذه الحقيقة» للناس.
النظام في الخرطوم، لكأنما يعيش في عالم آخر، غير هذا العالم، الذي أسقط فيه حتى الصحفيون الحفاة، بكبسة زر، كل الأسوار السميكة، ودخلوا غير هيابين، أرض الأسرار المعيبة والمخيفة: أرض الأسرار الفضائحية!
كل شيء مكشوف..
وكل محاولات إظلام المسرح – في أي مكان-، تفشلها كليا كاشفات شهداء الضوء.. شهداء النور.
والصحفيون، عبر التاريخ، مع بحثهم المضني والشجاع، عن الحقيقة، لم يرعبهم التشريد، ولا قطع الأرزاق، ولا السجون، ولا أساليب الترويع، وكل أساليب القتل..
قوافل شهدائهم، في كل عام، وفي أماكن متفرقة من العالم، تقول بذلك.. وتقول بذلك، وقفة صحفيي (التيار) البارحة، في قلب الخرطوم.
التيار اتسع..
أصبح جارفا..
لكن لاتزال الكثير من الأنظمة القابضة، تحاول عبثا السباحة عكس التيار! .