هاشم كرار : كل الأيام أيامك.. يا سيدتي!
يوم واحد، لا.. كل الأيام لك.. وبدونك لا يصبح للأيام طعم ولا رائحة ولا نكهة ولا حنين.. ولن تصير الفصول هي الفصول، ولا الدنيا هي الدنيا!
المرأة، أكثر التوصيفات قبحاً في حقها، أنها نصف المجتمع.
ذلك توصيف نوعي، كريه.
المجتمع- أي مجتمع- وحدة واحدة، لا تقبل التقسيم، ولو إلى اثنين.. ثم أن المجتمع، مذكر، فكيف يكون نصفه مؤنثا؟
تلك واحدة من مؤامرات المجتمع الذكوري: أن (يُشنّب) المرأة، ويُغلّظ من صوتها، و(يرجلها) والثقافة أنثى، والحضارة أنثى، والوردة والزهرة، والشمس.. والحياة في مجملها أنثى!
من بدايات التكوين، كانت المرأة، وإلى يوم آخر امرأة في الدنيا، هي كائنة: أماً تفيض بالحنان، وأختاً طيبة، وشريكة في الأيام الحلوة والمرة، معا.
تصوروا هذه الدنيا، لو لم يكن فيها هذا الكائن الخصيب، العجيب.
سبحان الذي خلق الذكر والأنثى..
انظروا: في هذا الخلق العجيب، تنزيه للرب، خالق الأزواج طُرا، وخالق الضدين.
المرأة ليست ضد..
فلماذا كل هذه الانتهاكات التي تطالها، في كل مكان وزمان.. ولماذا كل هذا العار منا، نحن الذكور؟
وأدناها حية، خوف العار، ولم نستبن نحن عارنا بالوأد المشين.. ولم نتراجع قيد بوصة واحدة من الحفر، والبُنية تنفض عن لحيتنا وشنبنا، تراب حفرتها الضيقة!
لو كان للتراب قلب، لأنفطر.. ولو كانت له دموع لكان قد تبلل، ولو كان في استعصاء الحجر الصلد، لكان قد تمنّع واستعصى، وما انشق.. ولو كان لكان قد تفجر ماء، وسقى قبرها!
المجتمعات الذكورية، لاتزال في عار الجاهلية: لاتزال هنالك مجتمعات توئد البنت حية، ولاتزال هنالك مجتمعات كثيرة تنتهك المرأة: انتهاكات جسدية ولفظية.. ولاتزال هنالك مجتمعات تحرم المرأة كل حقوقها، بما فيها حقها في اختيار شريك العمر.
لازلنا- نحن الذكور من جاهلية لجاهلية: نلتفُ على الوأد في التراب، بالوأد فوق التراب.
تباً لنا، لكأنما نحن لا نتعلمُ من دين، ولا نتعلمُ من تعاليم إنسانية،
تباً لنا، لكأنما نحنُ- ونحنُ من عار الوأد إلى عار الوأد- نضحك على الدين، وعلى الإنسانية، معا.
أسوأ أنواع الضحك، أن يضحك المرء على نفسه..
آه، لكم نضحك نحن على أنفسنا.. ولكم تضحك المرأة علينا، من (نفختنا الكاذبة الجاهلة) في يومها العالمي، وفي كل يوم..
كل الأيام لك، يا سيدتي!