خالد حسن كسلا : مرض التكفير.. مسؤولية التعليم والإعلام
> كيف تردد حكم التكفير على شخص لم يمثل أمام القضاء ويعطى فرصة الدفاع عن افكاره التي يطرحها على أساس أنها حق؟
> ولو كانت حجتك أنك لا تؤمن بحكم القضاء الموجود.. فأنت إذن تبدأ القضية من مرحلة متقدمة.. دعك من أن تكفير ذاك الشخص وقف عند مرحلة القضاء.. وأنت لعلك تذكر أن القضاء منذ أيام الحلاج وإلى وقت قريب ظل ينظر في أية قضية اتهام بالتكفير.
> ولو لم يعجبك هذا فلك أن تبحث عن بديل.. قم أنت بتشكيل محكمة واتح الفرصة للمتهم.
> ثم بعد النظر في الحيثيات احكم بنفسك.. وارض بالاستئناف ضد حكمك.
> لكنك حكمت برؤيتك أنت.. ولا يمكن أن يكون الحكم القضائي وجهة نظر. ولا ينجيك خلافك مع عبد الله بن عباس.. حبر الأمة.. لو قلت إن ما قاله بصدد قضية مماثلة لا تحسبه مقدساً كالقرآن.
> وهنا نسألك: هل كلامك قرآن؟.. ولو لم يكن كلام تبن عباس قرآناً.. فلماذ تفرض على الناس ترجيح كلام ابن عباس؟
> وأنت كداعية أو عالم أو صاحب مشروع اصلاحي يمكنك أن تقف في حدود تكفير الأعمال وليس من يقوم بها إذا كانت كفرية.
> وحتى تكفيرها يكون بمناسبة تقديم دعوة وليس بمناسبة وفاة من تتهمه أو ترميه بالكفر وتحكم عليه ــ من خارج المحكمة ــ بالمروق.
> فالوفاة تعني غياب المتهم وشطب القضية حتى لو كانت أمام القضاة.. ثم يصلى عليه صلاة الجنازة لأنه ليس هناك حكم معتمد من محكمة أو سلطان صدر بتكفيره.
> هكذا ينبغي أن تقوم مؤسسات التعليم والإعلام بتوعية الناشئة والشباب حتى لا تأتي أجيال تعكر صفو الدعوة وتقود اعمال الخير إلى نتائج عكسية.
> ما تتيحه الآن مواقع التواصل للأفكار الناتجة عن استعجال في التفكير يستوجب على القائمين على أمر التعليم والاعلام أن ينتبهوا ويقوموا بالواجب تجاه مصلحة المجتمع المسلم.
> هناك من قضت المحكمة بتكفيرهم بعد أن وقفوا أمام القضاء واعطوا الفرصة لتوضيح وشرح افكارهم.. فهؤلاء يمكن أن تحدث عن كفرهم .. لكن من كان في غير حالهم فليس لك أن تحدث.
> ولا يمكن أن تستقيم الحياة بادخال أساليب التكفير خارج نطاق القضاء.. لأن النزاع الفكري والاعتقادي طبعاً لن ينتهي إلى اتفاق يفيد المجتمع المسلم.
> فإما أن تقوم مؤسسات الدولة المعنية بدورها وإما أن تدعم الجماعات الدعوية التي ترفع شعار «دعاة لا قضاة» مثل جماعة أنصار السنة المحمدية أو الحركة الاسلامية أو الإخوان المسلمين.
> نرجو أن نسمع كلمات من الدولة ممثلة في وزارة الارشاد حتى نرى ثماراً للإرشاد دون أن يكون الغرض من الوزارة المحاصصة لتوسيع ماعون المشاركة في السلطة.. وكان الله يحب المحسنين.
> اعطونا ثمار دور هذه الوزارات.. التعليم والإعلام والإرشاد.. وتبقى وزارة الإرشاد بمثابة وزارة الإعلام الدعوي.. أي في البلاد وزارتان اتحاديتان للإعلام.. وهما مع التعليم إما أنهما مثل شجر الموز الكاذب وإما مثل شجر الموز الصادق. ونرجو الأخير.
غداً نلتقي بإذن الله.