الحوار الوطني.. الحاجة إلى خطاب تجديدي
الهزات الإرتدادية التي ضربت الحوار الوطني مؤخراً بعد وفاة الشيخ حسن الترابى سيما وأن الرجل بثقله السياسي كان مُعول عليه كثيراً في خلق توازن بين المكونات السياسية الموجودة خاصة وأن التكتيك الذي فرضه الوطني على حلفائه كان ينبني على برامج مزدوجة بينه وبين تلك الكيانات لذلك فإن حالات التحذير التي أصبحت السمع الأبرز في المشهد السياسي السوداني بتنفيذ مخرجات الحوار الوطني الذى بلغ نهاياته وتشبيه ذلك الأمر بعدة إتفاقيات أخرى عقدت بين الحزب الحاكم وآخرون، جعلت القيادى بالحزب الإتحادى الديمقراطي الأصل فضل النبي محمد الهواري نائب رئيس تشريعي الولاية الشمالية من تعرض مخرجات الحوار الوطني لذات المصير الذي حدث لإتفاقية (الميرغني.. قرنق)، مشيراً إلى أن الرئيس المكلف للحزب مساعد رئيس الجمهورية محمد الحسن الميرغني يعمل فى ظل شراكة من أجل الإصلاح الشامل فى البلاد.
(2)
بعض الناقمين على الحوار من المؤتمر الشعبي إعتبروا أن الشيخ قد تورط فى الحوار كما حدث للشريف زين العابدين الهندى فى مبادرتة الشهيرة مبادرة الحوار الشعبى الشامل، وكذلك اتفاقية القاهرة التى ابرمت مع التجمع الوطنى الديمقراطى واتفاقية نداء السودان بين الصادق المهدى والحكومة بجوبتى واخيرا اتفاقية السلام الشامل التى ادت الى انفصال الجنوب، ولعل ابرز المهددات التى تواجه مسيرة الحوار الوطنى فى هذه المرحلة والتى تعقد مرحلة قطف الثمار خاصة وان مواقف القوى السودانية المعارضة التى تطالب بنقل الحوار الى الخارج، وهي محاولة القصد منها وجود ضامن دولى كذلك فان من المهدادت التى يراها مناصرى حوار الداخل تحويل علمية الحوار من كونها (مائدة سودانية مستديرة) لوضع اطار عام لحل شامل لصالح الوطن الى (عملية تفاوض) بين طرفين إثنين طرف حاكم وطرف معارض بهدف اجراء (مساومة تاريخية) غرضها الاول والأخير تقاسم السلطة والتراضي السياسي بين المكونات السياسية والمسلحة.
(3)
هذا التصور يمكن اعتباره قاتلاً لمشروع الحوار الوطني لأنه إذا مضى على هذا النحو فهو يترك كل المجتمع السوداني صاحب المصلحة الاولى والأخيرة في العملية خارج سياق اللعبة، مع ابقاء الازمات، واتساع نطاق حيرته، حيث يرى مراقبون ان الحوار الوطنى الذى وصل الى مالاته الختمامية تحتاج الى قوة دافعة من قبل الرئيس بعد انتهاء فترة التحاور، خاصة فى ظل الظرف الراهن بعد رحيل الترابى الذى يراه البعض ضامنا للحوار سواء فى الداخل او الخارج الذى انتظر كثيرا ما سيسفر عنه هذا الحوار، خلط الاوراق السياسية التى ستحدث بعد وفاة الترابى من شأنها ان تخلق مزيدا من عدم الترتيب الموضوعى للحوار سيما وان القوى المتحاورة فى اغلبها تمثل تيار اليمين الوسطى او المتشدد من قبل الاسلامين اما التيار اليسارى الذى يجلس متفرجا فى دكة الاحتياط من شانها ايضا ان تعمل على عرقلة تلك المجهودات التى تبذلها الحكومة، ويضيف فضل النبي محمد الهوارى ان الحوار الوطنى خيار استراتجيى وهو طريق لتحقيق السلام الشامل ورفع الظلم عن الشعب مشيرا ان حزبه وضع طريق الحوار كاولوية محذرا من قطع الطريق امام اكمال ما يقود السودان لبر الامان والانقلاب على الحوار الوطنى من الداخل داعيا الى اخذ الحيطة والحذر لجهة ان السودان فى مفترق طرق، تاكيدات رئيس الجمهورية فى العاشر من اكتوبر العام الماضى والذى اعتبره فيه الحديث عن السلام لابد أن يفضى إلى ترابط أهل السودان في وجه المهددات والتحديات والحديث عن النظام السياسي يسوق للحديث عن الحقوق والحريات والواجبات كذلك فان الحديث عن الهوية حديث عن تنوع أهل السودان في أعراقهم وثقافاتهم وسحناتهم وألوانهم تنوعا مؤتلفا لا مختلفا ومتكاملا لا متبايناً به يحققون اتحادهم الوطني وتلاحمهم في وجه الشدائد والمكائد .
(4)
وأبان البشير أن الحديث عن الاقتصاد ومعاش الناس هو ما يجب ان يكون مناط اهتمام كل نظام سياسي، والحديث عن الشؤون الخارجية حديث عن تواصل أمتنا مع سائر الأمم الأخرى بما يصون سيادتها ويحفظ مصالحها ويعزز أدوارها على جميع الأصعدة العالمية، وجدد البشير الدعوة للرافضين للحوار، وقال « وأما أولئكم الذين لما يأتوا بعد فنحن لم ولن نغلق الباب من دونهم فمهما تباعدت الشُقة واختلفت الآراء واشتجرت فأبوابنا مفتوحة غير مؤصدة وأيادينا مبسوطة غير مقبوضة فهم لا يزالون من أبناء السودان الذين نرجو أن لا يسبق عليهم كتاب الانعزال عن الوطن وإيثار الاقتتال على الحوار والجدال، ورأى رئيس الجمهورية أنه ( قياماً بمسؤوليتي) التاريخية التي جعلتني في قيادة هذا البلد واستشعارا للفرصة التاريخية التي أتاحت هذه السانحة المباركة للحوار والاتفاق والوفاق أؤكد لكم أن كل ما سوف نتوافق عليه في هذا الحوار الوطني الجامع هو بمثابة الأمر المقضي وناشد مختلف الأحزاب والتنظيمات المجتمعية السعي بجد للتوصل إلى تحديدات متفق عليها تجعل الحوار مخلصاً ومنتجاً ومتفقا على ما يترتب عليه. وزاد قائلا» لقد تعلقت رجاءات شعبنا وتأهبت توقعاته لمآلات هذا الحوار مما يستدعى منا الصدق في القول والإخلاص في النوايا.
الخرطوم:عبد العزيز النقر
صحيفة ألوان