احمد يوسف التاي : هؤلاء هم سبب بلاوي السودان”3-3″
أوردت أمس على سبيل المثال فقط نتائج تسليح القبائل والمواطنين كممارسة سياسية تبارى في ميدانها القذر أكبر الأحزاب السياسية في السودان ” الأمة القومي، المؤتمر الوطني”، كما أشرت إلى الأخطاء السياسية التي دفع السودان ثمنها قطيعة دبلوماسية وعزلة دولية، وعقوبات اقتصادية، عزلة حتى من محيطنا الإفريقي والعربي والإسلامي، وكان ذلك حصاداً مراً لأخطاء سياسية وممارسات لا تليق برجال دولة يفترض فيهم الحنكة والحكمة وبعد النظر، ودرء المخاطر المحتملة التي ستكون وبالاً على البلاد وشعبها.
أعود وأكرر ما بدأت به مقالي في حلقته الأولى أن أسباب كل أزماتنا السياسية والاقتصادية والأمنية وأصلها ومصدرها هو تصرفات السياسيين وأفعالهم، وممارساتهم، وردة فعلهم تجاه بعضهم البعض، ومؤامراتهم فيما بينهم، ودسائسهم وصراعاتهم وأطماعهم، منذ الاستقلال إلى يومنا هذا، أروني أزمة واحدة أو مشكلة من المشكلات لم يكن السياسيون سبباً في إذكاء نيرانها، أو صب الزيت على حرائقها، حتى مغامرات العسكر وانقلاباتهم العسكرية، والإطاحة بالأنظمة الديمقراطية المنتخبة، كان وراءها سياسيون مخادعون وأفاكون، ألم أقل أن أصل أزماتنا كلها ومنبعها هو بركة السياسة الآسنة التي تصطرع فيها حيتانها وتفترس تماسيحها كل من قصرت همته عن الدفاع عن نفسه.
ثم ألم نقل إنه حتى أسباب الخلافات والصراعات كانت واهية تصل حد التفاهة وتنطلق من رغبة عارمة في الانتقام والانتصار للذات وقد رأيتم أن وزراء الختمية استقالوا من حكومة الأزهري لمجرد أن الأخير أشاد بالهندي، ولم يشد بالميرغني، ولقد رأيتم كيف كانت” المعاندة” و”التشاكس “بين الحزبين الحاكمين ” الأمة والاتحادي” في حكومة الإئتلاف، كان إذا رأى “الأمة” خيراً ومضى فيه يعترض سبيله شريكه “الاتحادي” ويقعده بالمعارضة الشرسة حتى لا ينجز المهمة وتحسب نجاحاً له، والشيء نفسه يفعله “الأمة” عناداً وانتصار للذات على غرار هذه بتلك، وحتى الآن هذا السلوك متجذر في كل القوى السياسية، فإذا أقبلت الحكومة على عمل حتى وإن فيه خير البلاد والعباد ترفضه القوى المعارضة لا لسبب إلا لأن هذا العمل تقوم به الحكومة، والشيء نفسه تفعله الحكومة ليس لشيء إلا لأن وراءه المعارضة، ولا عزاء للوطن وشعبه المغلوب على أمره، وهل كان الخلاف بين البشير والترابي إلا زرعاً نكداً جنى ثمراته المرة شعب السودان… تأخر في بعض المرات تشكيل حكومة السيدين، وكاد الخلاف أن يعصف بها، وكان الصراع حول وزارة التجارة لمن تكون.
إذن أختم وأقول إن سلوك السياسيين وممارساتهم وتصرفاتهم التي في الغالب تغيب عنها الحكمة والدراية، وتتلبسها الأهواء الشخصية، هي ما ظللنا ندفع ثمنه كشعب، وهي أس البلاء ، ولا مخرج من هذا المأزق إلا بتجفيف هذه “البركة” الآسنة، واصطياد حيتانها، وأسماكها وتماسيحها، وإلقائها خارج دائرة الفعل السياسي، وهذا دور الشباب والعمل التوعوي المسؤول … اللهم هذا قسمي فيما أملك. .
نبضة أخيرة :
ضع نفسك دائماً في الموضع الذي تحب أن يراك فيه الله، وثق أنه يراك حين تقوم وتقلبك في الساجدين.