مقالات متنوعة

عبد المنعم مختار : قناة (هسا) !


٭ احتفي دائماً بالاشراقات الفضائية المحلية وبالترددات الرقمية التي «تحشر» نفسها في «الزووم» الفارغ.. لتمرير ثقافتنا بما يوازي الحد الأدنى من الذيوع.
٭ وانطلاقاً من مقولة «لالوب بلدنا.. ولا تفاح غيرنا» امسك بالريموت واتحسس ذرات الانتماء في قلبي مثلما يتحسس الأمريكي مسدسه.. واثناء بحثي المتواصل وجدتها قناة «هسا» سودانية الملامح ترتدي التوب والجلابية في إطارها الخارجي.. ولكن تحسست قلبي مرة أخرى فاحسست بالوجع.. غناء سوداني ولكن بطريقة «الروتانات».. أغنيات بلا فكرة وملمح .. فنانين لم نسمع بهم.
لأول مرة اكتشف أن عدد الفنانين السودانيين يساوي عدد المستعمين.. وأن العدد الظاهر ومعروف يساويه رقم آخر مستتر وجوباً في محل «نصب» مفتوح على الفجيعة بمصراعيه.
٭ يبدو أن فكرة التشابه الشكلي سيطرت على أصحاب المشروع القشرة.. فنان يرتدي أحلى الثياب ويغني وهو «مغمض العينين» ويقوم بتقطيع الورود والزهور وهو يردد «يا قلبي آه من بسمتك» حاولت أن ارسم دراما ما بين النص والمشهد فاكتشفت أن غبائي أكبر من تجميع الفكرة الفنتازيا.
٭ صحيح أن هنالك نجوماً معروفين يمتدون على مساحة بسيطة جداً ولكن الاغلبية الساحقة لم يقدموا ما يقنع.. واظن وإن بعض الظن إثم أنهم لا يملكون «رخصة السواقة» اقصد رخصة الغناء في الدقداق ولم يقدموا أوراقهم لجهابزة اتحاد المهن الموسيقية.. واتساءل لماذا يغني هؤلاء في الهواء الطلق الفضائي.. ويصدرون ثقافتهم الضحلة الغنائية للعالم دون أن نشاهد بضاعتهم في سوق ستة.. أو سوق «أم دفسو» .
٭ ويبدو أن الذوق الفضائي العربي من خلال أطروحاته.. يغري كل من يستطيع أن يفتح فمه بالغناء والصراخ من غير استشارة الدكتور حتى.. وحتي طريقة الفيديوكليبات احيانا فيها خروج سافر من الاعراف وتستفزني اغنية الجامعة لفتاة ترقص وكانها في بلاد البلاجات والرمال الناعمة
٭ قناة «هسا» تستطيع أن تبرهن للجميع أن الغناء اصبح «ساهل جداً» ولا يحتاج إلى عبقريات سرور ولا موهبة الكاشف ولا إشراقات وردي وأبو اللمين وذكاء كابلي.
٭ الغناء أصبح مجرد شكليات تلغى من خلاله الأذن والاحساس وتظل العين هي محصلة الحواس من السادس حتى العاشر..
٭ الفكرة في انشاء قناة متخصصة في مجال الغناء السوداني.. فكرة في حد ذاتها مدهشة وكان يمكن أن تجسد أن الغناء في السودان هو المزيج الإفريقي العربي الذي لا يمكن مقاومة تطريبه.. إذا ابتعدت عن أسلوب «المحاكاة» .. والسيناريو المستعجل لاثبات أن وجود قناة يمثل فتحاً جديداً.. إذا أرادت هذه القناة أن تقدم الغناء السوداني الذي يشرف كل إنسان.. أن تتوقف قليلاً وتعمل دراسة في كيفية وصول الغناء بشكله الاصيل.. بداية أن تقوم بتسجيل أغنيات قديمة من الجواهر واللائي.. وتقدم أيضاً أغنيات الرموز الزواهر أغنيات لوردي، كابلي، محمد الأمين، إبراهيم عوض، حسن عطية وأبو داود وعثمان حسين والعميد أحمد المصطفى.. وصلاح بن البادية وغيرهم ويمكن الاستعانة بجيل يملك مقومات التطريب أمثال عصام محمد نور وفرفور ونانسي عجاج كنموذج.
٭ يجب علينا أن نستثمر توصيل طرحنا الثقافي بشكل يتواءم مع هويتنا وليس مجرد غناء والسلام.
وايرا نتسال هل توجد رقابة علي هذه القنوات ومن هي الجهة المسئولة لتصديق مثل هذه القنوات ام الامر برمته عبارة عن فضاء مطلوق وتجارة في الفن الكاسد
عبد المنعم مختار – (الكتابة على قشر البرتقال – صحيفة ألوان)