طه النعمان : أولوية الغطاء السياسي.. لـ (رعد الشمال) (3)
٭ كما يمكن للناظر المتأمل أن يرى أن حجم التحالف والاستجابة الفورية هذه قد سبقت عملاً ضرورياً وجوهرياً ربما أملت ضرورات اللحظة وإلحاح الظروف تجاوزه وهو «الغطاء السياسي» اللازم الذي عادة ما يتقدم العمل العسكري لأي تحالف يرجى له الاستدامة وتخطي عوامل الارتباك.. وهو ما يملي على الدول الكبرى في قيادة التحالف الجلوس في أجواء هادئة.. للتفكر والتدبر والتخطيط.. في كيف يكون الغطاء السياسي لهذا التحالف.
٭ وأول قضايا التفكر والتدبر والتخطيط هو دراسة دقيقة وعميقة للواقع الدولي.. ثم رصد وحصر المخاطر التي قد تنشأ حول التحالف لدرئها.. بعضها واضح وماثل ومشتبك مع الواقع.. وبعضها الآخر محتمل ومتوقع.. وبعض ثالث خفيٌ أو متوارٍ.. وفي القلب من كل هذا إمعان النظر في المصالح الإستراتيجية.. للأيدولوجيات والاقتصاد والنزاعات الوطنية والإثنية التي قد تبرز ـ سلباً أو إيجاباً ـ في نطاق مجموع الدول المشاركة هذا التحالف الواسع والكبير.. الذي لا بد سيكون ـ بالضرورة ـ عرضة للضغوط الدولية.. بحكم سطوة وسيطرة قوى الصهيونية على مراكز صناعة القرار والرأي العام في العديد من الدول «الكبرى».. المصنفة «صديقة» حتى الآن.. وهذا ما يستوجب تصنيفاً دقيقاً وقراءة ذكية ومستقبلية تتجاوز انشغالات الواقع الطارئة والملحاحة التي تقرع أبواب قادة التحالف في هذه اللحظات.. تصنيفاً وقراءة مستقبلية تحدد بوضوح تام معسكر الأعداء ومعسكر الأصدقاء.. تاريخياً وحاضراً ومستقبلاً.
٭ هذا هو الواجب الذي لا يتم بدونه الواجب في عمل التحالف العربي الإسلامي، حتى تصبح مناورات رعد الشمال في حفر الباطن نقطة انطلاق جديدة في تاريخ أمة نامت طويلاً وبدأت تفرك عيونها استعداداً لليقظة والنهوض.
٭ قد تكون الصورة واضحة، بشكل أو آخر، في أذهان القائمين على الأمر بالمملكة.. وبدا ذلك جلياً من خلال النشاط الدبلوماسي الذي اتسم.. على غير عادة المسؤولين السعوديين.. خلال السنوات الأخيرة، بالوضوح والصراحة و المواجهة .. من خلال الاقتراب الحميم مع بعض الدول العربية المؤثرة وفي مقدمتها جمهورية مصر العربية.. وأيضاً من خلال المواقف المعلنة تجاه بعض القوى السياسية والجماعات ذات الأفكار الراديكالية التكفيرية المحركة لعصابات الإرهاب في المنطقة والعالم.. توجه بدأ منذ عهد الملك الراحل عبد الله، رحمه الله، واستمر في عهد الملك سلمان.. بالإضافة إلى الإصلاحات السياسية الداخلية الآخذة في التطور خلال العهدين.. والتي لا بد من إسراع الخطى فيها من أجل تمتين الجبهة الداخلية في مواجهة أية اختراقات مذهبية أو إرهابية تستهدف خلخلة الانتماء الوطني أو الهوية الوسطية للأمة تحت دعاوى الدفاع عن الإسلام.. فمثل هذه الإصلاحات.. التي تعتمد على المواجهة الفكرية أكثر من الحسابات والإجراءات الأمنية.. هي المدخل الحقيقي لمواجهة الإرهاب.. الذي يبدأ بـ «فكرة في الرأس» قبل أن يتحول إلى قنبلة أو رشاشاً في اليد أو حزاماً يتمنطقه شاب معتوه مغسول الدماغ.