خالد حسن كسلا : حزب الأمة بين التمرد والحكومة
> لا يريد التمرد أن يلتصق به حزب الأمة التصاقاً.. لأنه غير مفيد بالنسبة له.. ولا يريده أن يلتصق بالحكومة.. حتى لا تستفيد منه في دعم مشروع الحوار الوطني. ووجود الصادق المهدي في وسط المسافة بين التمرد والحكومة هو ما يحبذه التمرد.. فالصادق في هذا الموضع خيار أفضل للتمرد.
> فهو إذا التصق بالتمرد يبقى عبئاً عليه ولن يعطيه شيئاً.. إذا لم يأخذ منه.. وهو الآن يعود إلى الالتصاق به بعد حل جيش الأمة والتحاق قائده بالقصر. والدور الوطني الذي ينبغي أن يقوم به الصادق المهدي حالياً هو أن يحث الحركات المتمردة على التوقيع على خارطة الطريق لتحقق شعاراتها التي تمردت تحت ظلها لو كانت صادقة.. بدلاً من أن تستمر بتعنتها في المحافظة على استمرار تنفيذ أجندة القوى الأجنبية. لكن للأسف، فإن حزباً بحجم حزب الأمة، إما أنه يسير بدون معلومات واقعية.. وإما أنه يتأثر بأجندة جهات معينة دون أن يعي. ودائماً يقع في تناقضات قبيحة. من هذه التناقضات أنه من المؤسسين للحوار الوطني بالداخل وهو الآن من الذين يريدون الحوار بالخارج.. ويترك قيادات حزبه بالداخل يتسلون بالحديث عن عودته. وهنا يبدو أن مبارك الفاضل المهدي يتحرك ليملأ المساحة القيادية التي تركها الصادق خالية.
> ومبارك الآن يتحرك في الظلام ليحشد إلى جانبه عشرات القيادات من حزب الأمة القومي.. وليست التي خرجت معه حين انشق عنه ولم تعد لكي يقود بهما حزب الصادق هذا. أما حركات التمرد فقصصها تحكي عن حسراتها.. فهي في دارفور خارج ميادين القتال.. وبالتالي لا قيمة للتحاور معها بعد حسمها.. لكنها تستفيد من ردات الفعل الدولية المتوقعة حال رفضت الحكومة السودانية الجلوس معها في قاعة التفاوض بعد أن حسمتها في ميادين القتال.. وهي بهذا تجد فرصة لتغطية هزائمها. وحركة العدل والمساواة هي الآن الأضعف من بين الحركات المعروفة وليس أنسب لها غير أن تستفيد من فرصة اجواء الحوار الوطني.. بدلاً من أن تتآكل بخروج كل مجموعة منها من حين إلى آخر. وآخرها مجموعة مهدي جبل مون. وحركة مناوي تؤجل محاربة الحكومة لتراجع قوتها بعد أن كانت الأقوى في دارفور.. وهي الآن في ليبيا مع حفتر تتدخل في صراع قبلي هناك، كما حدث في جنوب السودان مع حرب الدينكا والنوير.
> وحركة عبدالواحد أو ما تبقى منها، فهو محاصر بقوة في جنوب غرب جبل مرة.. وما زال يراهن على استمرار معسكرات النازحين.. بل يطلب من سكانها المال والرجال كما كان يريد اليهودي الألباني محمد علي باشا من احتلال السودان تحت غطاء الخلافة الإسلامية العثمانية المفترى عليها.
> أما قطاع الشمال، فهو يشرف على جزء من جيش سلفا كير وهما الفرقتان التاسعة والعاشر.. ويحارب به السودان نيابة عن حكومة جنوب السودان.. لذلك من الطبيعي أن تشهد أدبس أبابا ما تشهده. والحكومة لن تتخلى على ما يبدو عن شيئين هما دحر التمرد والتفاوض مع التمرد ولا خيار آخر لها.
مسؤول مكتب سلام دارفور يبكي
>لم يكن لبكاء الدكتور أمين حسن عمر في منبر الحكي عن سير رفاق الترابي علاقة بملف دارفور طبعاً.. وإن كنا عنونا المقال هذا بعلاقة أمين بملف دارفور فذلك لأن قضية مشكلة دارفور الثانية تبقى اسوأ وأقسى مشكلة مرت على السودان.. ومشكلة دارفور الأولى هي طبعاً النهب المسلح منذ ستينات القرن الماضي.
> بكى دكتور أمين بحرقة وهو يتحدث عن مواقف «تكفيريين» من اجتهادات الراحل الدكتور الترابي وكانوا ينقلونه بها من الملة.. وذلك خارج إطار القضاء. فلا قيمة إذن لمواقفهم ما دامت خارج إطار القضاء.. هكذا كان يمكن أن يفيدنا الدكتور أمين بعد بكائه المقدر.. حتى لا يكون الرد على أولئك فقط بالدموع.. وإن كانوا لا يستحقون الرد على اجتهاداتهم هذي فلا داعي إذن لكل شيء. والدكتور أمين، إذا كان يبكيه شيء واحد، فإن ما يبكي أبناء الوطن كثير وكثير.. ومنه وأقساه تمرد دارفور.. فأنت ترى بعض أعضاء الحركة الإسلامية يكونون حركة العدل والمساواة ويؤلفون الكتاب الأسود.
> ودكتور أمين الآن هو مسؤول مكتب سلام دارفور الذي يعمل من أجل تجفيف دموع أسالتها حركة العدل والمساواة مع الحركات الأخرى.
غداً نلتقي بإذن الله