أ.د. معز عمر بخيت

الرؤى والمستحيل


و توجَّع الايحاء في صدري بحبك والزمان ..
والليل عريان على فلك المدارك هائما ً
بهواك يحتضن الضحى والأقحوان
آتون والساعات واللقيا
وأفواج الهموم ترج بركان المكان
آتون يا بنت الهواجس فالخطى شربت
دياجير المدى والشوق رقرق
في سنا المجهول يرحل كالدخان
أوراقنا رسل الحبيب ودورة الزمن الذي
خرق العصور وعاد يبحث في عوالمه
القديمة عن أساطير الأمان ..
هذا الطريق إليك ينضح بالموانع
يختفي من تحت أنقاض الجوى
وعلى دهاليز الغيوم
الخوف والأقدار حولك والوجوم
ألفان عام في انتظارك يا محطات الأماني
يا عيون الموج والشط الرؤوم
ألفان عام والجراح تيمنا
بلقاك تختزل البكاء المر تستهوي
مساحيق الرجاء الشاحب الموعود بالدنيا
وأحلام القدوم
كان انتظارك أجمل الأحداث عند ولودها
وأجل من طوق النجاة أرق من همس النجوم
كان انتظاري في تلهف مقلتيك حديقة
شرقية الأزهار خضراء الهموم
كان الطريق الساحلي مشبعاً بالعطر
مغسولاً بقطرات الندى ومطهراً بالمزن
والسحب الندية والزهور
البحر منك وأنت أنفاس الخلايا
والحدائق والقصور
قالت دعوتك يا عصير الشوق أحسست
انغماسك فوق صدري واحتضنتك في فؤادي
وانتظرتك في مطارات الصقيع
أتُرى هواك يصادم التل المغلف بالمدافع
كي يرد الريح عني
يحتويني كالرضيع
أترى هواك يشد ينزع من خيالي
حائط الخوف المحنط في دمائي
سوف يشرق كالربيع
قالت وكلي منك
أنزع من حيائك ثوب خوفي
واحتويني في حقولك قمحة
تأتي بزهرك للجميع
للقاك حين الحب في عينيك يصدق وعده
أختار وجهك احتويك بأذرعي
فيذوب خوفي والظنون
وأجئ صوبك عاريات أدمعي
يا بحر حبي واشتهائي والجنون
وأغوص فيك حمامة
سجعت بحبك واستحمت
فوق بحرك والفنون
صدري إليك ربابة ترنو على وتر الحياة
سحابة تمطرك بالغيث الحنون
كفّاي حولك سندسين من الشعاع
وورد ثغري في شفاهك مترعا
بالهمس والبوح الذي
قد عاد يخترق السكون
لك إن تراءت يا محدثي الحقيقة
نبض قلبي والعيون
لك كل ما تهوى وتطلب من هجير لواعجي
عشقي وخاتم منتهاي إلى حدودك
أو نهايات المنون
فانظر وقل ماذا ستصنع في هواي و ها أنا
وحدي أعودك يا بريد الحزن
يا بحر الشجون
أواه يا وجع الغريب تداخلت حولي
جيوش الشوق والأقدار هدتني سحابات الأسى
والنار حولي والهجير الساخن الآتي
على صهو الضباب ..
أقسمت بالحب الجديد إليك أمشي واثقا
خطوي إليك يجئ من خلف الشهاب
ما أنت إلا ما غوى وهني وجاهر سامري
لك بالخضوع وبات عشقك في هجير لواعجي
سدا على ظهر اليباب
أنا والرياح إليك نعبر ساحل الرمل الضرير
نشق أنهار السراب
متفتحا كالضوء يا بدر الحسان
أصاب راميك انتحاري
لست أهوى غير وجهك سنبلة ..
الطير من عينيك هاجر للشمال و ما أتى
فانزع عناوين الهموم المقبلة
حدثتهم عني وعنك
حرقت سرِّي
في سهول السابلة
ِلم لَم تغلف فرحتي بلقاك
حبك في دمائي سوف يخنقه الشعاع ..
العشق ليس تباهيا متلفعا
بالجهر ينقله الرعاع
الحب فوق بلادنا حقلا من (الدناميت) تشعله
عيون الناس
أنفاس المخاوف والضياع
أنا لست أخشى أن أجاهر بالهوى
لكن خيط النار أخشى أن يكبلك انصياع
أصبر على احساسك المزروع فيك حديقة
وأجهر بصمتك للبقاع
هذا زماني يعبر الأجيال يعشق
وجهك العبق النضير ..
قالت تقول الحق قلت تأملي
وجهي وصدري
وارمقي فيا المسير
قالت أخاف عليك ومن هدير الصدق
في عينيك لو قد كذبته
عوالم الآمال والوله المثير
أواه قالت إنها سبل الحياة
تكاد تغرق في الرؤى والمستحيل ..
النار منك تؤجني
فامدد لي الطوق الأمين تواصلا
وأفتح شبابيك القصائد للصدى
وأخرج من الصمت الطويل
هذي مساحيق الرجاء تطير من كفيك
تكحل مقلَتي
بالنور والحب النبيل
ما أنت إلا والهوى عندي قناديل
الأماني والوفاء وأنت خطوي والرحيل
وحياتك الاحساس فانظر يا رفيق خواطري
هذي حياتي أنت فيها معبدي
محراب عشقي سامر الصحو الجليل
هذي حياتي منك تبقى قصة منسوجة
بالحب والحسن المُعتّق والندى
والعطر والوجه الجميل.

(أرشيف الكاتب)