محجوب عروة : الي وزير العدل حارب الربويين والفاسدين
سأل أحدهم الرئيس التركي المحترم رجب طيب أردوغان كيف استطعت أن تنعش الاقتصاد التركي وتطوره فرد أردوغان قائلاً: (لقد ركزت على محاربة الفساد فانطلق اقتصادنا تلقائياً).. هناك صلة مباشرة وعلاقة سببية بين الفساد المالي والأخلاقي وبين الاقتصاد وقد صدق لله العظيم في كتابه (ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس) وقد دعا ربنا خلقه وعلى رأسهم الحكام والقضاة كما تقول أفضل التفاسير والتدبر والتأويل أن يؤدوا الأمانات إلى أهلها وأن يحكموا بالعدل فقل تعالى: (إن لله يأمركم أن تؤدوا الأمانات الى أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل)..
سقت هذه المقدمة لأناشد وزير العدل مولانا د. عوض الحسن النور- هذا الوزير الذي عرف
بالكفاءة والأمانة والعلوم والخبرات القانونية الواسعة داخل وخارج السودان حيث عمل بدولة الإمارات العربية كقاضٍ لعشر سنوات كما عرف بحسن الخلق والتواضع الجم – أدعوه الى إعطاء اهتمام خاص لمحاربة ظواهر خطيرة ظلت تنخر في جسم البلاد، بل لعلها هي أحد
الأسباب الرئيسية في تدهور اقتصادنا فإذا نجح فمن المؤكد سيسير اقتصادنا نحو التعافي كما قال السيد أردوغان سيما إذا استطعنا تحسين سياساتنا الاقتصادية وتجاوزنا المقاطعة الاقتصادية الجائرة بسياسات صحيحة وإيجابية داخلياً وخارجياً، نحقق بها التوافق وتطبيع العلاقات الدولية فهناك علاقات سببية بينها.. من أخطر الظواهر أيضاً يا سيد الوزير ظاهرة التعاطي الربوي من خلال عملية الكسر وهو غالباً يحدث حين يضطر المقترض المحتاج إلى سيولة مالية عاجلة لتسيير نشاطه الاستثماري وتعجز البنوك – المسماة إسلامية زوراً بصيغها التمويلية التقليدية الجامدة التي لم تتطور وشروطها الصعبة وإجراءاتها الروتينية البطيئة وضماناتها الصعبة لا يستطيعها الا الأغنياء فصارت كأنها بنوك رأسمالية منحازة للأغنياء فقط كما ذكرت ذلك للأمير محمد الفيصل (في اجتماع بنك فيصل مؤخراً قبل أيام) فلا تقدم لطالب التمويل حاجته بالسرعة المطلوبة ولا تتعامل بنظام القرض الحسن الذي تدعيه ومن ثم بذرت هذه البنوك بذور التعاطي الواسع بنظام الكسر لسلعة افتراضية مثل سيارة أو سكر أو دولار يدعي المقرض بيعها للمقترض بسعر أعلى ثم شراؤها منه بسعر أدنى حيث يطلب منه المقرض فقط تحرير شيك تتراوح مدته بين الثلاثة والستة أشهر وبنسبة ربحية قد تصل إلى عشرين بالمائة شهرياً وربما أكثر.. لقد أدى ذلك إلى ظاهرة ربوية خطيرة في اقتصادنا والى التضخم فأنى للمقترض أن يسدد دينه الا بإدخال تلك الزيادة في سعره كما أدى الى مآسٍ اجتماعية ونفسية خطيرة باضطرار المقرض لبيع منزله خوفاً من السجن لحين السداد بغلبة الدين أو القهر المعنوي حيث يظل المقرض يهدد المقترض ويرسل اليه في مكان عمله ومنزله أمام الناس من يخوفه ويهدده بالحبس وربما يهينه بألفاظ نابية والأخطر أن يرهقه بمزيد من الدين حين يطلب مدداً أطول للسداد وبنسبة أرباح جديدة عالية.
ثم هناك سيدي وزير العدل ظاهرة تهريب واسع عبر منافذ رسمية دعك من حدود السودان الواسعة ولأضرب لك مثلاً بتهريب الذهب الذي أصبح أحد أهم مصادرنا من العملات الحرة فقد سألت وزير المعادن د. أحمد الكاروري عن أين يهذب الفرق بين إنتاج البلد ۸٥ طن من الذهب في العام الماضي وبين ما يبيعه بنك السودان فقط ۲٥ طن فرد قائلاً يذهب للتهريب بطبيعة الحال!!
هنا أتمنى من وزير العدل أن يرجع إلى مضابط أي منفذ رسمي خاصة المطارات تم تسجيل عملية تهريب ذهب خلال العامين الأخيرين فقط وسيجد العجب ولا أفصّل!!؟؟ متى وكيف وماذا حدث وهل هناك نافذون يعالجون التهريب ويشاركون شركاءهم المهربين الفوائد؟؟.
أما الفساد في الأراضي فقد سمعنا الكثير المثير وقام السيد الوزير بمواجهة بعضه مشكوراً وأرجو أن نسمع عن فضيحة أراضي ولاية الخرطوم الأخيرة التي هزت البلد… فالفساد في الأراضي ظل من زمن بعيد أكثر المجالات موضعاً للفساد حيث يكثر فيه الجشع والطمع وضعف إرادة الحكومات المتعاقبة في تحجيمه وسوء السياسات والتخطيط في الإسكان والعقار
والزراعة والصناعة تسانده السياسات الائتمانية والمصرفية لدى البنك المركزي حيث البنوك تركز على الضمان العقاري فصارت بسببها الأراضي والعقارات في السودان أغلى من أوروبا وأمريكا!! ويا ما في ذلك من فساد وألاعيب؟؟؟
أتمنى أن تدعم إدارة الجرائم الاقتصادية في إدارة الأمن الاقتصادي وتنسق مع وزارة العدل ضماناً لسيادة حكم القانون وأن يأتي الدستور القادم ضامناً لفصل السلطات تحقيقاً للحكم
الرشيد والشفافية..