عادل عبده : أموال إمبراطورية الكهرباء.. أين ثمارها؟
كم تطورت إمبراطورية الكهرباء إلى مرافئ بعيدة في مجال بناء الخزانات وتعلية السدود وتوسيع الشبكات وقيام المحطات الحرارية المختلفة!! وكم اندلقت ملامح التفاؤل والانشراح على وجه المواطنين في ضربة البداية لمشروع الإنتاج الكهربائي!
هنالك سد مروي يوفر (1250) ميغاواط، بينما تنتج محطة بحري الحرارية الأولى (180) ميغاواط والثانية (200) ميغاواط ومحطة قري توفر (560) ميغاواط علاوة على إنتاجية (320) ميغاواط من سد أعالي عطبرة وستيت لتصل السعة التصميمية للبلاد بعد إنتاجية خزان الدمازين والوحدات الأخرى إلى (3000) ميغاواط.
السؤال المنطقي.. هل أسدل الستار على أزمة قطوعات الكهرباء في الأحياء والفرقان والمدن على صعيد المشتركين؟؟ أم أن الإشكالية ما زالت مستفحلة على أرض الواقع؟؟ الإجابة الواقعية تكمن في أن إمبراطورية الكهرباء بكل ما تحمل من إمكانيات ضخمة وعنفوان مشهود وتذكرة مرور حكومية واضحة تتقاصر في الواقع أمام الوصول إلى بيت القصيد المتمثل في استدامة الإنارة الساطعة على منازل ودور أماكن المشتركين، بل حتى المؤسسات والوحدات على مستوى الحكومة والقطاع الخاص تعاني بشكل لا يقبل القسمة من برنامج القطوعات.. إذن ما هو سر القطوعات الكثيرة التي حولت إمبراطورية الكهرباء إلى مؤسسة كرتونية تفتقر إلى قواعد المهنية العالية والتبجيل الاجتماعي والبؤس الخدمي، بل إن إشارات الأستاذ “معتز موسى” وزير الكهرباء التفاؤلية في ظل الأحوال المتأرجحة خلقت انطباعاً واضحاً بأن الرجل يحاول إعطاء شيء لا يملكه!!
المبررات التي يطلقها الفنيون والمختصون في الكهرباء عن أسباب القطوعات لم تعد تجد القبول والاستحسان من جانب المواطنين، فقد ظلت أسطوانة مشروخة تتحدث عن تراكم الطين في الخزانات وتعطيل التوربينات وقطع الأسلاك الكهربائية بفعل الرياح والأعاصير، فالواضح أن هؤلاء المواطنين بناءً على قوة إدراكهم وتبصرهم في الأمور أصبحوا أكبر من الوقوع في مصيدة التبريرات الواهية وأمامهم الأموال الطائلة والاستثمارات الضخمة والتجهيزات التقنية العاتية والخبرات الأجنبية الكثيفة التي استخدمت في مشروع الكهرباء الموعود.. فقد كان هؤلاء المشتركون يقبلون في السنوات الماضية بواقع انعدام الإضاءة، لكن الآن صاروا لا يصدقون حجج برمجة القطوعات في ظل التطورات الحديثة التي وقعت في هيكلة الكهرباء سيما بعد أن فرضت عليهم الحكومة تعرفة توسعة الشبكة القومية.
كان سد مروي يمثل أهزوجة الأمل الأخضر والعطاء الزاخر لوفرة الكهرباء، وكان “أسامة عبد الله” يومذاك المسؤول المبجل، فكان الحصاد لا يتجاوز الهالة الضخمة، لكنهم قالوا يجب أن ننتظر قليلاً حتى يكتمل تعليق خزان الروصيرص، ثم جاء بعد ذلك الحديث عن إمكانية شراء الكهرباء من الجارة إثيوبيا.. فأين الإنتاجية المتوفرة من الكهرباء التي تغطي حاجة المشتركين في البلاد؟ بل ما هي حظوظ الذين كانوا يأملون دخول الإنارة إلى مناطقهم وأصبحوا الآن على رصيف الانتظار؟ فهل هنالك (كادوك) وراء قطوعات الكهرباء؟ أم أن هنالك لعنة الفراعنة تحوم على ركائز المشروع الكبير؟
في الصورة المقطعية، صرفت أموال ضخمة من العملة الصعبة في جميع مراحل مشروع إمبراطورية الكهرباء.. لو ذهبت هذه الأموال الكثيرة التي جاءت من بيوتات الاستثمار الخارجية للدول الأخرى في الأغراض الصحيحة كان يمكنها إنارة القارة الأفريقية كلها، وفي الذهن أن هنالك تقنيات على مستوى عالٍ استصحبت هذه الأموال الضخمة فأين ثمارها ومردودها على المشروع الكبير؟؟
إمبراطورية الكهرباء ربما تتقزم الآن إذا لم تتم معالجة الأوضاع الحالية، فالقضية ساخنة وملتهبة ومرشحة لتدخل الطاقم السياسي الأعلى من خلال أجندة قاطعة قبل فوات الأوان.