خديجة المرعي : الصبر مفتاح الفرج.. لاجئون!
الكاتب: قبيل اندلاع الثورة السورية، كانت رغد ابنة السابعة والعشرين تعيش في منزل على أطراف مدينة حمص مع والدها وزوجته وإخوتها الخمسة، حيث كانت مضطرة للعمل كمدرّسة في مادة الفنون في مدرسة ابتدائية، فهي لا تستطيع الجلوس في البيت طيلة اليوم، بسبب ما تلاقيه من ظلم وقهر بسبب معاملة زوجة والدها السيئة لها ولإخوتها.
زادت الحرب مآسيها، حيث تركت العمل في مدرستها، وانتقلت للعيش في ريف حمص، لتعيش عاماً كاملاً مع زوجة أبيها القاسية، التي لم تؤثر الحرب في تعاملها مع رغد وإخوتها، بل زادت من قسوتها، حتى تقدم لطلب يدها شاب من أبناء مدينتها، لتترك منزل زوجة والدها وتنتقل لرحلة جديدة في لبنان مع شريكها الجديد “وسيم”.
بعد مرور ثلاثة أشهر والسعادة تغمرها حملت من زوجها، فرحة لم تستمر كثيراً قبل أن تفاجئها الطبيبة بأن حملها غير مستقر بعد بسبب فقر دم حاد أصابها، وبسبب الضغوط النفسية، وأنها مضطرة لعلاجه بأسرع وقت.
بدأ العلاج وحملت رغد مرة أخرى بعد ستة شهور، ولم تكن الأرض تسعها من الفرحة، بعد ذلك قررت مع وسيم السفر غير الشرعي إلى إحدى الدول الأوروبية بسبب الظروف المعيشية الصعبة في لبنان، وحضّرت نفسها لسفر لكن في آخر لحظة أتاها اتصال لترشيح اسمها مع “وسيم” للهجرة إلى سويسرا عبر مفوضية اللاجئين التابعة للأمم المتحدة في لبنان، حيث كان بمثابة المفاجأة الكبرى التي شعرت بأنها مكافأة لها من عند الله على صبرها في ما مضى.
لم تطل إجراءات هجرتها كثيراً، فبعد ثلاثة أشهر فقط سافرت مع زوجها إلى سويسرا، وأقامت في “كامب” خاص باللاجئين، إلى أن يتم تجهيز منزل خاص بهما، ذهبت إلى المشفى بعدها لتطمئن على صحتها وصحة جنينها، فأخبرتها الطبية بأن الطفل سليم.
مفوضية اللاجئين اهتمت بطفلها كثيراً، كونه أول طفل سوري يولد في مدينة آيزيدلن بسويسرا، حيث إن محافظ المدينة قام بتهنئتها، وقام المستشفى بنشر صورة الطفل (مراد) على لوحات في صالة المستشفى.
فقد آثر عدد كبير من السوريين التوجه إلى دول أوروبا، بسبب الأوضاع المأساوية التي آلت إليه مناطقهم، سالكين الطرق الخطيرة غير الشرعية، عبر البحر الذي ابتلع قسماً كبيراً منهم، لكن العيش في بلادهم فاق قدرتهم على الاحتمال، ما دفعهم إلى المخاطرة بأرواحهم، فإما النجاة والحصول على حياة كريمة، وإما الموت غرقاً فهم ميتون في كل الأحول إذا بقوا في وطنهم، حسب نظرة معظمهم، حيث تمكن أكثر من مليون شخص من الوصول إلى المكان المنشود، بينما فشل قسم آخر، إما أن يكون قد قضى غرقاً، وإما ألقي القبض عليه وأعيد إلى وطنه.
قصة رغد واحدة من مئات القصص للاجئات سوريات عانين كثيراً قبل أن يعوضهن الله خيراً مما كنّ فيه، ويبدل حالهن إلى حال أفضل.