التجانى حاج موسى : مبدع يستحق التكريم
د.”يوسف حسن الصديق” لا تنسوا هذا الاسم، فالرجل عالم جليل في مجال ثقافة الطفل، ومبدع مطبوع، ولعله الأول والأوحد في هذا المجال ومؤلف موسيقي رائع استمعتم إلى العديد من مؤلفاته اللحنية الرائعة.. من ألحانه الأغنية التي صدح بها الفنان الراحل “عبد العزيز العميري” وصاغها الشاعر الأستاذ “قاسم الحاج” (لو أعيش زول ليهو قيمة وأسعد الناس بي وجودي)، التي صدح بها عدد من المطربين والمطربات من بينهم الصداحة “حنان النيل” التي هجرت دوحة الغناء لتنهل من العلوم وتحوز الدرجات العلمية العليا.. وشهادتي في د. “يوسف” مجروحة فهو أخ كريم وصديق حميم منذ أربعة عقود من الزمان، وله الفضل في تحريضي على الكتابة للأطفال، وقدمت معه العديد من الأغاني (شوفوا دنيتننا الجميلة).. و(متشكرين ومقدرين يا مدرسات ويا مدرسين) والعديد من المسرحيات والأوبريتات المسجلة بالتلفاز والإذاعة.. هذا الرجل لا يحب الظهور في أجهزة الإعلام، ولعل سبب هذه العلة مرده تواضع العلماء الفطري.. وكم من مرة غضب مني لأني نشرت صورة له بصحيفة كنت أكتب فيها، ولم يشفع لي من حمدوا لي الكتابة عنه.
المهم، قررت الكتابة عنه في مساحة اليوم لأن هنالك مقتضى للكتابة عنه خاصة وهذه الأيام هناك مبادرة من المجلس الاتحادي للمصنفات الأدبية والفنية عبر أمينها العام الأستاذ “بشير سهل” وذلك لإقامة احتفالية كبرى لتكريم صديقي الموسيقار الأستاذ الجامعي د. “يوسف”، ولعلم القارئ الكريم المهتم بالشأن الثقافي فإن أطروحة د. “يوسف” العلمية كانت عن ثقافة الطفل السوداني، وللأسف الشديد لم تتلهف وزارة التربية والتعليم لتلك الدراسة المهمة التي تصلح بالتأكيد للتربية والتعليم، خاصة والطفل السوداني في أمس الحاجة لاسيما في مجال تثقيفه بإرثه الثقافي الموسيقي الغنائي.. قديماً كان معهد التربية ببخت الرضا بمدينة الدويم يخصص منهجاً للطفل في الفنون بصورة عامة.. ود. “يوسف” فنان ملتزم تجاه فنه ومجتمعه، وحينما يؤلف لحناً لأغنية لا بد أن يختار نصاً يصب في النهج الملتزم بجدوى الفنون وأثرها الإيجابي في المجتمعات الإنسانية.. د.”يوسف” وضع لحناً لنص شعري أهداه له أستاذنا “إسحق الحلنقي”.. (بدري صحيت من نومي.. فرحت مشيت على أمي وأبو صبحت)، هذه الأغنية الجملية شارك بها في مهرجان الموسيقى وغناء الأطفال الذي أقيم بالأردن الشقيقة وشاركت فيه كل الدول العربية مشاركة مقدرة.. وفد السودان كان عبارة عن شريط كاسيت ونوتة الموسيقى للأغنية في تسعينيات القرن الماضي، والسبب أن وزارة المالية الاتحادية اعتذرت لوزارة الثقافة الاتحادية بعدم قدرتها على دفع نفقات السفر!! وهذا أمر الثقافة في وطننا الحبيب الثري بثقافاته المتعددة التي لم يتح لها حتى الآن الانتشار لا في السودان وبالتالي خارج الوطن!!
وكم كتب أهل الثقافة والمهتمون بها مطالبين بدعمها باعتبارها رأس الرمح في حركة تغيير المجتمعات، لكن لا حياة لمن ننادى، ومنذ استقلال الوطن حتى الآن لم ننفذ إستراتيجية ثقافية برغم اقتناع الحكومات المتعاقبة بجدوى الفعل الثقافي، ولعن الله الحرب والمشاكل السياسية التي أعطت لنفسها الأولويات في الصرف، ودونكم فاتورة الحروب التي تستغرق الكم الهائل من إيرادات الدولة، وذلك الحصار المفروض على دولتنا والمتأذي الوحيد المواطن السوداني.
معذرة أيها القارئ الكريم لأني خرمت شوية من موضوع صديقي الموسيقار د.”يوسف”.. المهم أحرزت أغنية الأطفال (بدري صحيت من نومي) التي صاغها شعراً أستاذنا “الحلنقي” ووضع لحنها د.”يوسف”، أحرزت المركز الأول على كل الدول التي شاركت في ذلك المهرجان، بعد ذلك أرسلت إدارة المهرجان الميداليتين الذهبيتين وشهادتي التقدير ونقلت القنوات أغنية (بدري صحيت من نومي) بصوت طفلة أردنية بمصاحبة أوركسترا من عازفين فنانين أردنيين، ثم بعدها نقل تلفزيوننا القومي الأغنية وخبر الفوز!!
شفتوا كيف؟! وكورتنا يقدم لها الدعم المادي الحكومي والأهلي ولم نحرز مركزاً مرموقاً إلا زمان حينما أحرز فريق المريخ كأس “مانديلا” في تظاهرة خاصة لكأس أفريقيا لكرة القدم.. طيب بدون دعم وعبر البريد أحرزنا المركز الأول في مهرجان أغنية الطفل، ترى ماذا يحدث لو شوية التفتنا لفنوننا وبذلنا المال ليرى العالم ويقف على روعة الإبداع السوداني الغنائي والموسيقي والدرامي والتشكيلي والاستعراضي؟! أجزم وأبصم بالعشرة النتيجة ستكون إيجابية وستعرف الدول وجهاً آخر للسودان، وجه مشرق يكشف عن ثراء ثقافتنا وتنوعها، وينفي عنا ويمسح الصورة المشوهة عن السودان وأهل السودان، وأقول لأخي الأستاذ “الطيب حسن بدوي” وزير الثقافة الاتحادي ولأخي وزير السياحة الاتحادي وكل إخواني وزراء الثقافة والإعلام بالولايات، وكل من يهمه الأمر من مسؤولين.. همتكم معانا، فالأفق ينبئ إن شاء الله بالسلام، وقتها لن يقدموا الوسيلة في تفعيل العمل الثقافي داخلياً وخارجياً، وأراهن أن النتيجة ستكون إيجابية، فالثقافة صناعة تدر مالاً وفيراً، ودونكم العديد من كبريات الدول التي تدر لها صناعة الثقافة إيرادات مقدرة.. والثقافة في كل الأحوال تجمع ولا تفرق وحزب الثقافة واحد وأحزاب السياسة عيك!! حدث ولا حرج.. دقوا الدولوكة، الكل يعرض ويرقص ولا يحتاج من يعرض إلى هوية سوى أنه زول سوداني.. ولحن (بدري صحيت من نومي) نطرب له جميعاً.. اجتمعنا، الشعراء “حلنقي” و”هلاوي” و”سعد الدين” و”قاسم الحاج” و”محمود خليل” ود.”يوسف حسن” بالمصنفات بدعوة من أمينها العام الأستاذ “بشير سهل” لنتفاكر في وضع برنامج احتفال تكريم صديقنا د.”يوسف”.. قدمنا مقترحات للمسؤولين منها: أن ترعى رئاسة الجمهورية الحفل ومكانه القاعة الرئاسية بقاعة الصداقة ليمنح المحتفى به وسام الآداب والفنون الذهبي، دعوة أكبر عدد من الأطفال لحضور الحفل، أن يختار المحتفى به عدداً مقدراً من مؤلفاته الغنائية الموسيقية لتقديمها من على خشبة المسرح وأن تصاحبه أوركسترا كاملة العدد من كبار الموسيقيين وأن يحضر العرض الشعراء الذين نظموا تلك الأغاني لتكريمهم، أن تتم طباعة قرص وكتاب يحوي مؤلفات المحتفى به وحبذا لو تم استقطاب مؤسسات خاصة وعامة لدعم الحفل مادياً، وأظن اتفقنا أن تكريم البراويز والورق والقماش بيكون جميل إذا رجع المكرم إلى أهله مسروراً، والقروش بتفرح وبتقضي أغراض، إذ إن معظم أهل الإبداع فقراء إلا من إبداعهم الذي لا يقدر بثمن، وعندما نكرم المبدع التكريم المناسب سيكون تكريمه حافزاً له لمزيد من الإبداع.. مبروك مقدماً للذي سيحتفى به.