معاوية محمد علي : ندى.. فنانة افريقيا
طالعنا أمس عبر هذه الصحيفة خبر استقبال السفارة السودانية بقيادة سفيرنا الدبلوماسي الفنان عبد العزيز حسن صالح سفير السودان بالشقيقة تشاد، الفنانة ندى القلعة وفرقتها الموسيقية، هو خبر يبدو عادياً، ومن ضمن الأخبار التي يمر عليها البعض مرور الكرام صباح كل يوم، ولكنه عندنا هو خبرٌ له رسالته ودلالاته العميقة، فسعادة السفير أكد علي شيء غاب عن الكثير من السفراء والمسؤولين أصحاب النظر القاصر والفهم العقيم، الذين (لا يعجبهم العجب ولا الصيام في رجب)، وهم يرون في الفن ملهاة ومضيعة للوقت، في وقت أثبتت فيه كثير من الأحداث والروايات أن ما يقوم به الفن لا تستطيع القيام به العشرات من المؤتمرات والندوات واللقاءات السياسية، وأن ما يقوم به فنان في بعض الأحيان لا تستطيع القيام به بعثات دبلوماسية كاملة ، فكم من مسؤول زار دولاً ولم يستقبله أحد، وذات الدول تخرج فيها الحشود لإستقبال الفنانين وتلتقط معهم الصور التذكارية، وما وجدته فنانة افريقيا ندى القلعة في تشاد ومن قبلها في بلاد أخرى هو خير شاهد، ويكفي أنها زارت البلد الشقيق بدعوة من أعلى سلطة فيه، وحلت ضيفة عليها في أبهى وأفخم قصورها الرئاسية، وغنت منفردة في حفل حملته الإنتخابية ،وفي ذلك رسالة لأصحاب العقول المتحجرة في بلادنا، من أصحاب القرار الذين يجلسون على كراسي المسؤولية في الوزارات والمكاتب الحكومية، ولا هم لهم إلا التنظير والنظر إلى الفنون بعين التحقير.
هؤلاء ليتهم تعلموا من إخواننا في تشاد، كيف تُحترم الفنون، وكيف يُنظر للفنان بعين الحب والتوقير، وليتهم تعلموا من سعادة السفير عبد العزيز حسن أن من واجب المسؤول أن يحتفي بكل من له إسهام ودور وطني عبر الفن، الذي هو دبلوماسية من نوع آخر، دبلوماسية لها المقدرة على خلق جسور من الحب مع الشعوب، مشيدة بالورود والرياحين.
ليت الإخوة في الإذاعة والتلفزيون تعلموا من هذه الدروس، وعلموا أن الفن سفارة ورسالة نحو المجتمع، حتى يفتحوا الأبواب الموصدة منذ أكثر من عشرين عاماً في وجه المبدعين، ولا أريد أن اقول إن هذا (القرار) هو واحد من أسباب إنتشار الغناء الهابط، الذي ما زال يبحث عن ضابط، ولن يجده.
عموماً أقول إن ندى القلعة تستحق لقب فنانة افريقيا دون منازع أو منافسة من اي فنانة في القارة، لما تقوم به من فن يدعو للوحدة والحب والتآلف بين شعوب السمراء، وما لها من جماهيرية طاغية تكن لها كل الحب والإعجاب بفنها الراقي الرسالي، ليت مطرباتنا الباحثات دوماً عن (العدادات) يتعلمن من ندى معنى رسالة الفن، وكيف تصنع الفنانة الحقيقية جمهوراً حقيقياً داخل وخارج البلاد.
ندي إستطاعت بذكاء فني أن تتجه بفنها الراقي الجميل إلي مجاهل أفريقيا لتجد للأغنية السودانية مكان ، في وقت إتجه فيه غيرها من الفنانين والفنانات (بغباء) يحسدون عليه إلي برامج المسابقات العربية ، فحصدوا السراب وخلفوا في قلوبنا الحسرة.
خلاصة الشوف:
ندى .. (إنتي الأولى).