أ.د. معز عمر بخيت

مطر بزاوية الكلام


من كل أركان المدى تأتين
من وطن القصائد والعصافير الجريحة
من جروف النهر
من رهق الحرائق والتعب ..
من هدأة الإخلاص
من مطر الخلاص
و رونق الفجر الجديد المستحب
تأتين من ألق الكلام
ومن هنيهات السلام
ومن مضخات الغضب ..
قد هب من رئتيك إعصار انفجاري
شتت الحزن انشطاري
شبع المطر الشوارع بالصخب
واستلهم البركان شوقي
هدهد التيار توقي
واحتمى في أضلعي
بحر المشاعر والطرب ..
من قال عني ساهياً
شبح البيارق في دمائي
صار يبحث في مراقده القديمة
عن عيون أبي لهب
من قال عني ذاك يوما
غلف الصدأ الذهب ..
إن جاء وجهي من ظلال العصر
يحجب نجمه
فعليك اشعاع المغارب قد كذب
للآن يا وطن انتمائي لم تزلزلني
صراعات المقاصد لم يؤجج من حريقي
غير احساسي بخطفك من همومي
حين ضاجعت السماء غيومها
و اتتك حبلى بالنيازك والشهب ..
يا من على كتف المساء
ترش حقلي بالندى
و تدور من حول الشواطئ راحلاً
بين القواقع و السحب ..
والليل في سور المدينة لم يزل
قمر يناور وجنتيك توددا
و يصوغ ملحمة ترابض
بين أشلاء الكتب ..
الجرح في أغصان
أشجار المشاعر صاحياً
والنهر أدمى قصتي
وغصون قافلتي تدلت
مثل أشلاء الحطب ..
النار ترضع من هجيرك لوعتي
و بدربك الآمال ترنو
و الحواجز و الجراحات التهابا
تستقي زيت الهواجس والخطب ..
نهل التداعي آهتي
وسقى الغدير أصابعي بنضاره
و الجسر من شطيك أومأ
ثم هاجر واغترب
يا بحر لا تأسى على لون المرايا
هذه الأوهام تصرخ في عرى الأحشاء
تمخر في دمائي تستبيح دواخلي
و تشج عمقي بالحديد و بالخشب
الناس في زمن التناثر قد غدوا
قطعا من الفلين تسدد مخرج التكوين
و الأمن الأمين المستتب ..
هلك الرجاء على أكف دعائنا
و استقبل الإزميل تمثال التمني بالبديع
و نصل قاطعه التهب ..
صنعتك يا إحساس أشواق اشتهائي
فجرتك مشاعري خيطاً ندياً
من شعاع الحب يخترق اكتئابي
هكذا يا مهد قم
شبح الخواطر قد وهب
فرحي لأقصى منتهاي
على حدود تفاعلي
مع ماء أزهار ابتسامتك التي
قصمت نخاع الأرض
نامت فوق أشجان الحياة ترمّها
و تضيء قنديل القصائد
ان تداعى واحتجب ..
اواه يا وجع الخطب
عجبي عليك الآن يأخذه العجب
فلتأتِ يا أرض المغرة
يا بحيرات الزنوج
و يا تواريخ العرب ..
كي تدرك الأقدار عند وثوبنا
معنى التساقط و الهرب
و لتشهد الأسوار وهد شروقنا
فجر تدلى مثل حبات العنب ..
لنقص للأغوار عند خروجنا
ما خبأته لنا الرؤى
من همس بارقها المسافر
بين أقواس الرياح
و بين ناصية المهب ..
و نقول أول ما نقول
إذا وجب
جهر الحديث
وشدو سامره اقترب
إن كان عشق الأرض
يبدأ في جمادى
سنعود بالتحرير
حتما في رجب
سنعود بالتحرير
حتماً في رجب