بخري بشير : الصحة.. الحال يغني عن السؤال!
< لا أدري الى ماذا يهدف الذين يدافعون عن البروفيسور مأمون حميدة وزير الصحة بولاية الخرطوم بالحق وبالباطل؛ عندما يكتبون ويهرفون بان الرجل (لم تلد مثله النساء)؛ وانه وحيد زمانه وإنه وإنه.. على الرغم منان أكبر (مذمة) في حق الرجل أنه يستثمر في ذات القطاع الذي تقلد ذروة سنام المسؤولية الإدارية فيه؛ وهذا وحده يقدح فيه.< لا نشكك مطلقاً في ما وصل اليه الرجل علماً و(بزنس)؛ لكن أن يتقلد مسؤولية الناس في الصحة بولاية الخرطوم؛ الولاية التي تضم ثلث سكان السودان؛ والمعوّل عليها في أن تضم أعلى نسب الخدمات الطبية؛ وان تكون ملاذاً طبياً ليس لسكانها ولكن لقاطني الولايات البعيدة.< أن تكون الخرطوم واجهة الخدمات الطبية والموئل لمواطني السودان؛ هي (محمدة) في حق الصحة وتاج ينبغي أن تقابله بالجهد والسعي نحو التجويد؛ لا أن تقابل ذلك بـ (صلف وأنفة) فارغة تقول لماذا يأتي مواطنو الولايات للعلاج في الخرطوم؟.. فمن حق أي مواطن أن يتعالج داخل وطنه وفي أي مكان يختاره.< ينبغي أن يقابل المسؤولون في الصحة بدءاً بالوزير نزولاً الى أدنى موظف مسألة طلب الناس للعلاج بالخرطوم بـ (فرح وحبور وسرور) لأنهم قدموا خدمة غير متوفرة بالولايات لذلك جاءهم أهل تلك الولايات آملين في خدماتهم؛ بدلاً أن يشكي الوزير من تردد قاطني الولايات الى الخرطوم وأنهم يهددون الخدمة الموجودة.< ينبغي للوزير ومسؤولي الصحة بالخرطوم أن يشتكوا من كثرة تردد الأجانب الى الخدمات الصحية؛ وأنهم – أي الأجانب – سبب رئيسي في نقص الخدمات نسبة لتمركزهم بالمدن الكبيرة؛ والخرطوم تضم أضخم جالية أجنبية بالسودان تفوق في تعداد غير الرسمي (4) ملايين نسمة.< لكن وزارة الصحة ووزيرها الهمام يشكون دائماً من قاطني الولايات؛ بأنهم وراء نقص الخدمات الصحية بالعاصمة؛ وكأنهم ليسوا بسودانيين.. إن تمركز الخدمات في العاصمة والسعي الجاد لمضاعفتها وتجويدها يدعم اتجاه الدولة بالسعي لتوطين العلاج بالداخل؛ لكن ظلت هذه مجرد فكرة و(حلم) يراود قيادة الدولة؛ لأنه على أرض الواقع ليس له وجود؛ والناظر للمستشفيات الحكومية يجد بها من العيوب والنواقص ما يجعل كل ذا (مال) يفكر في السفر الى الخارج طلباً للعلاج.< ما يشبه (الإنعدام) يجده المواطن في مسائل (التشخيص الطبي)؛ إذ نادراً ما يتم التشخيص الصحيح والمطلوب؛ ليس ذلك بسبب إنعدام الكفاءة الطبية المقتدرة؛ فأطباؤنا ذوو قدرات (نادرة) وهم كفاءات يشار اليها بالبنان في الدول الأخرى؛ وأيضاً ليس السبب في عدم وجود الأجهزة التشخيصية الدقيقة.< لكن السبب في تقديري يرجع الى النفس البشرية؛ التي لم تر في (العلاج) ومطلوباته سوى طريق لجني المال والأرباح الطائلة؛ فقد كثر الاستثمار في الحقل الطبي؛ وقامت لذلك صروح كثيرة لا ترى فيها غير فخامة (البناء) وحداثة الأجهزة؛ مستشفيات خمس نجوم أشبه بالفنادق الشهيرة.. ولكن داخل هذه المباني (الفخيمة) لا تجد الطبيب الذي ينظر الى المريض بهدف إكتشاف الداء وسرعة العلاج؛ إنما ينظر الى (جيبه)؛ في خرق كامل لنواميس العملية الطبية.< أما المستشفيات الحكومية فيغني حالها عن السؤال.. ولا أظن أن هناك مواطن سوداني لا يعلم حال مستشفياتنا العامة.