محمد سيد أحمد المطيب : قراءة للمغزى البعيد المدى لمعنى الجميل والمستحيل في جامعة الخرطوم كمنارة للاستنارة الوطنية الخالدة..
> الأسبوع الماضي، كان هو أسبوع جامعة الخرطوم الذي تجدد فيه التأكيد على الحقيقة الثابتة والراسخة والصامدة المتمثلة في أن هذه الجامعة العريقة، والشهيرة بأنها «جميلة ومستحيلة» كما يحلو وصفها، ستبقى منارة للاستنارة الوطنية والحضارية الخالدة والمتقدة في تعبيرها عن ذلك وتجسيدها له، وإثباتها لمدى ما لديها من قدرة كامنة ومؤهلة لأداء هذه المهمة الجليلة، وتفجير التنوير بها، وإشعال النضال من أجلها، وقيادة الدعوة لها والإقدام على القيام بالثورة في سبيلها. > ومثلما ما قال المبدع الوطني الراحل الشاعر الكبير المرحوم محمد سعيد العباسي، في معرض التعبير حينها ذات مرة، عن المكانة السامقة التي تحظى بها أرض الكنانة المجاورة الشقيقة وهو يمدحها: «مصر وما مصر سوى الشمش التي بهرت بثاقب نورها كل الورى.. الناس فيك اثنان شخص رأى نوراً فهام به وآخر لا يرى». فإننا نرى أنه يصح ويجوز القول بمثل ذلك في التعبير عن الدلالة ذات المغزى البعيد المدى في ما يتعلق بالمكانة الشامخة والمتميزة التي تحظى بها، وتشير إليها وتنطوي وتحتوي عليها جامعة الخرطوم لدى النظر لتأثيرها على الذاكرة الوطنية المتقدة والممتدة بالنسبة للأجيال والآجال السياسية المتراكمة والمتعاقبة والمترابطة والمتواصلة والمستمرة في تطوير وتفجير وتثوير أطوارها وتطوراتها المتلاحقة في السودان. > وبهذا المعنى، فقد أظهرت هذه الحقيقة الناصعة نفسها، وبرزت شاخصة وماثلة وصارخة ومتجلية بصورة لم تعد خافية حتى على الأعمى والمصاب بالغباء ممن لم يكن يرى ذلك على النحو الذي جرى في الأسبوع الذي مضى بعد أن أمضى على هذه الحقيقة ودفع الجميع الى التوقف عندها والتأمل فيها بوقفة لازمة فرضت نفسها على شاكلة ملحة وضاغطة. وبناء على مثل هذا الإطار للرؤية المتعمقة في تمعنها وبصيرتها النافذة والثاقبة، وبغض النظر عن مدى دقة وصحة أو عدم دقة وصحة ما جاء في التصريحات والإفادات العشوائية الرسمية المتضاربة والمتناقضة بشأن جامعة الخرطوم أثناء الأسبوع الماضي، وهي إفادات وتصريحات ثبت طيشها وظهر فيها أنها فقيرة وفطيرة وساذجة ومفتقرة ومفتقدة للقدرة والكفاءة المؤهلة للتعامل مع هذه المسألة المهمة المتعلقة بجامعة الخرطوم ومكانتها ومستقبلها، فإن الأهم في ما يتعلق بالذي جرى، والعبر المستخلصة منه والدروس المستفادة منه، هو أنه قد أثبت وأكد مجدداً أن هذه الجامعة الشامخة، التي تخرجت فيها الغالبية العظمى من القيادات الملهمة والرموز الفاعلة على كافة الصُّعد المعبرة عن الحركة الوطنية السودانية، وفي مقدمتها وعلى صدارتها المستوى السياسي منها، ستبقى محتفظة بالمكانة السامية والمرموقة التي تحظى بها في تعبيرها عن الذاكرة النضالية المتحفزة واليقظة المتقدة لدى الأجيال المتعاقبة والممتلكة للقدرة على أن تبقى محافظة على هذه المكانة الواعية والمدركة لدورها والمستحوذة على ما تتمتع به وتحصل عليه من قدوة وقدرة مؤهلة ومتحفزة في التصدي لكل من يسعى للنَّيْل منها والاستهانة بها أو التقليل من شأنها، سواء عن غفلة غبية وغاشمة، أو خسة وخفة ونذالة وضيعة ومهلكة وساحقة ومدمرة، لكنها لن تنجح في الذي تسعى بقدر ما تملك وتحرق وتسحق نفسها ثم تسقط متهاوية ومتهالكة ومستسلمة لمصيرها الحتمي الذي يليق بها عند ما يتم دفنها في المذبلة غير مأسوف عليها، بينما يبقى ويمكث ما ينفع الناس في الأرض ويذهب الزبد جفاءً.. وسيبقى كل ما عدا ذلك مقدور عليه ومن الأمور الممكنة في المستقبل المنظور الذي لن يطول كما نرى وفقاً لماجرى في جامعة الخرطوم وبالنسبة لها.