أسامة عبد الماجد : عندما يتحدث الترابي عن العسكر
٭ انتهيت من تغطية إدلاء الرئيس بصوته في إنتخابات 2010 بحي المطار، وتوجهت سريعاً لمدرسة مغمورة في نهاية حي الجريف غرب، إختارها د. حسن الترابي ليدلي فيها بصوته، وصلت قبل وصول الشيخ عليه الرحمة قلت للزملاء أنا في إنتظار إطلاق الشيخ لتعليق ساخر ولافت.
٭ لم تخب توقعاتي ..وصل د. الترابي وما أن دلف للمدرسة حتى سأل مجموعة (ألم يزركم مسؤول ولو وزير الداخلية) .. وهكذا الترابي (يرمي) لبعيد في كل حديث..واصل نهجه، وظهر ذلك في أولى حلقات (شاهد على العصر) بقناة الجزيرة أمس.
٭ أرسل الترابي عدة رسائل لمصر والتي تعتبر أن النيل قضية أمن قومي بالنسبة لها، وأكد أهمية النيل أيضاً للسودان، وعندما سأله مقدم البرنامج أحمد منصور (مصري الجنسية) عن سر إنجذاب الكثيرين للسودان فأجابه (النيل).
٭ وتحدث الترابي عن عدة قضايا لكن ما لفت انتباهي هو إشارته للعسكريين وأنهم يحتكرون السلطة في السودان ومصر.
٭ حديث الترابي يعني بوار مشروع إبعاد العسكريين عن السلطة، رغم أن الترابي نفسه هو المنظر والمنفذ لهذا المشروع، عندما تخلص من عسكريي مجلس قيادة الثورة في العام 1993م ، وإستعصى عليه رئيس المجلس
٭ ظل السياسيون يتوارون خلف العسكريين في العديد من الحكومات، إلا أن المسألة تغيرت في الإنقاذ بوقوع (المفاصلة)، والتي كانت انشقاقاً بين العسكريين والسياسيين والقاسم المشترك فيها (السباق نحو السلطة).
٭ عدد كبير من كبار قيادات الإنقاذ أمثال د. علي الحاج ود. غازي صلاح الدين وآخرين، مؤيدون لإبعاد العسكريين من السلطة.. المسألة موثقة في كتاب (الترابي .. صراع الهوية والهوى).. الذي نقب فيه عن (المفاصلة) لصاحبه الإسلامي عبد الرحيم عمر محي الدين، وربما أمين حسن عمر خريج تلك المدرسة الذي طالما عارض داخل الوطني ترشيح البشير في الانتخابات الأخيرة، وإن كان (غلف) خطوته بمزاعم التغيير.
٭ لكن أصحاب تيار (ابعاد العسكريين) مرغمين على التراجع عن فكرتهم لحزمة من الأسباب، منها أن شوكة العسكريين قويت، وبات عصي كسرها، كما أن المنطقة من حولنا محاطة بحكومات عسكرية ودونكم الجنوب الذي حاول سياسيوه الإصطياد في مياه (الخصومة) بين سلفا ومشار، ولكن ظلت الغلبة للعسكريين.
٭ كما أن السياسيين – أتحدث عن الوطني – غير متفقين فيما بينهم بدليل الحديث عن وجود تياري (علي عثمان ونافع) وصراع بينهما، وكان ذلك من مصلحة العسكريين الذين (تفرجوا) على الحرب الباردة والتي انتهت بخروج الرجلين غض النظر عن مبررات المغادرة.
٭ نهاية وجود مراكز القوى بالوطني بعد مغادرة (طه ونافع) وقبلهما مدير الأمن صلاح (قوش)، جاء من مصلحة العسكريين، كما لا يمكن إغفال أن وجود حركات مسلحة (شعبية أو حركات) يعلي من كعب العسكريين على حساب السياسيين..
٭ ومهما يكن من أمر فإن رحيل الترابي نفسه يعني موت مشروع (دحرجة العسكريين).