محجوب عروة : بعد تيران وصنافير ماذا عن حلايب؟
في صفقة معلنة لبناء جسر يربط بين جمهورية مصر العربية والمملكة العربية السعودية تنازلت الأولى للثانية عن جزيرتي تيران وصنافير مقابل أن تدفع السعودية لمصر مبلغ ملياري دولار لحراسة الجزيرتين.. ورغم اعتراض مصريين على هذا التنازل واندلاع مظاهرات صاخبة فذلك شأن داخلي لكل دولة وإن كان الأوفق النظر الى أن أي اتفاق بين دولتين شقيقتين أو أكثر لأهداف أسمى مثل دعم التعاون أو التكامل الاقتصادي أو توثيق العلاقات السياسية والاجتماعية وربما التمهيد لوحدة عربية شاملة باعتبارها حلماً ظل يراود العرب ويقوي من وحدتهم هو أمر يجب أن يشجع بقوة فسواء كانت هذه الجزر تملكها مصر أو السعودية فالفائدة في نهاية الأمر لشعبين عربيين فالأنظمة زائلة والحكام زائلون طال الزمن أو قصر والباقي هي الشعوب ومصالحها الى أن يرث الله الأرض ومن عليها. ومن هذا المنطلق يدعونا نفس المنطق وحلم الشعوب العربية للوحدة والازدهار والأمن والاستقرار الى القول إنه من الأوفق أن يعالج مثلث حلايب بنفس المنطق فهل تتصرف مصر مع شقيقتها السودان ما فعلته مع السعودية بأن توافق مثلاً على حل وسط بدل التنازع بجعل مثلث حلايب مثلثاً للتكامل الاقتصادي والاجتماعي والسياسي والثقافي والعلمي بدلاً من الإصرار على مصريتها وتمصيرها بالكامل حتى يتوقف أي خلاف بين البلدين الشقيقين وحل هذه المشكلة المزمنة التي تسبب صداعاً وربما شرخاً في العلاقات بينهما إذا سارت القضية الى مسارات قانونية دولية أو سياسية؟ لقد أثار بعض الخبراء القانونيون والكتاب الصحفيون السودانيون مؤخراً قضية مهمة يجب أن تعالج بشفافية وأخوية صادقة من أجل المزيد من الدفع بالعلاقات للأمام بين مثلث حيوي، بل مفصلي يتكون من الدول الثلاث (السودان ومصر والسعودية).. أثاروا تساؤلاً حول لماذا توافق السعودية على الاعتراف بكل حدود الساحل الغربي للبحر الأحمر بتبعيته لمصر رغم أنها تعلم أن هناك نزاعاً بين السودان ومصر حول مثلث حلايب الذي يقع في ذلك الساحل؟ فذلك مما يحز في نفوس السودانيين الذين ظلوا يدعمون كل قضايا أشقائهم في مصر والسعودية فالسودان تنازل عن حلفا من أجل إقامة السد العالي، وهو الذي أعطى خرائط طابا لمصر فكسبت قضيتها ضد إسرائيل، والسودان يقف اليوم مع السعودية في حربها ضد العدوان الحوثي والتهديدات الإيرانية ويرسل قواته الى رعد الشمال ضد المهددات في المنطقة فلماذا يتم تجاهله في قضية حلايب؟ لماذا؟ هل هو جزاء سنمار؟ إذا كانت أوضاع السودان الاقتصادية والسياسية اليوم تشهد ضعفاً فقد كان قبل مئات السنين مصدر دعم اقتصادي للجزيرة العربية كما يعترف العالمون فيها بتاريخها وكان يرسل المحمل الى الكعبة الشريفة وكان يسمى أرض المعدن وملتقى طرق تجارية مهمة في كل اتجاهاته وملاذاً وحاضناً آمناً لكل من أتاه هارباً من الفتن والظلم والحروب منذ مئات سنين خلت، وعندما كان السودان قوياً وموحداً وديمقراطياً أجبر الرئيس عبد الناصر بكل ثقله على الانسحاب من حلايب، وعندما كان السودان قوياً ومتحداً صالح بين الرياض والقاهرة وأعظم زعيمين عربيين الملك فيصل والرئيس عبد الناصر عقب هزيمة حرب حزيران عام 1967 في مؤتمر الخرطوم حيث كانت الخرطوم هي العاصمة العربية الوحيدة بسبب حيدتها أن يجمع العرب على اختيارها مكاناً مناسباً للاجتماع فيها الأمر الذي ساهم بدور أساسي في الدعم المالي والمعنوي لصمود دول المواجهة إزاء الصلف الصهيوني.. لكنه السودان الذي استطاع أن يخرج لاءات الخرطوم ويستقبل العرب ويعطيهم أملاً جديداً في الصمود فيستأنفوا حرب الاستنزاف ضد إسرائيل، لا ولم ولن يفعل كل ذلك منا” بل هو واجبه الذي سيظل عليه ويتمسك به ما دامت الدنيا.