بخاري بشير : الدولار.. بين السياسات النقدية وتقلبات السوق!!
< مع اقتراب موسم رمضان؛ وتزايد الطلب في الأسواق بدأ الإرتفاع الجنوني في الأسعار؛ ولم يكن الأمر بعيداً عن سوق العملات أو ما يعرف ب سوق العملة (السوداء)؛ كل الناس صاروا يعلمون الزيادة الكبيرة التي طرأت على قيمة الدولار؛ ولا يحتاج الأمر أن تكون أحد تجار الاستيراد؛ حتى تعلم قيمة الدولار (المتصاعدة). < وليس ضرورياً أن تكون قاصداً السفر بغرض العلاج أو التجارة أو المناسك أو السياحة؛ لتكون ملماً بالارتفاع الكبير الذي وصل اليه الدولار.. فالمواطنون على درجة من الوعي الاقتصادي الذي يعرفون به مؤشر بورصة الدولار؛ وكثيرين منهم إمتلأت بهم شوارع وسط الخرطوم يهمسون للمارة (صرف صرف دولار). < لكن المزعج جداً والمؤسف حقاً؛ أن تعلن وزارة المالية الإتحادية وعلى الملأ وتقول “إن الحديث عن ارتفاع الدولار غير صحيح”.. وطبعاً في فهمي المتوسط الذي هو ليس فهم خبير إقتصادي ضليع في مجال المسائل الإقتصادية؛ إن وزير الدولة بالمالية عندما قال هذا التعبير كان يعني القيمة (الحقيقية) للدولار؛ وهي ليست القيمة (المفتعلة) التي يتعامل بها السوق الأسود. < د. عبد الرحمن ضرار وزير الدولة بالمالية وهو الإقتصادي الضليع صرّح بهذا التصريح وهو يعني تماماً ما يقول؛ وأن أي حديث عن إرتفاع الدولار غير صحيح.. طبعاً هذا في الجانب النظري ووفق المعطيات الاقتصادية الموجودة؛ وهي التي تحدد قيمة الدولار الحقيقية. < أما السعر المتداول وسط تجار السوق السوداء الذين يملؤون (برندات) السوق العربي هو سعر (وهمي) غير موجود إلا في مضاربات التجار.. وبلا شك أن إستمرار المضاربات ستؤدي الى وصول قيمة الدولار الى مدى لن تتمكن بعده من (الإنخفاض). < صدّقنا حديث وزير الدولة بالمالية؛ الذي قال لا فضّ فوه إن السعر (غير حقيقي).. لكن – يا رعاك الله – ماذا فلعت السلطات الاقتصادية التي تجلسون على قمة سنامها إزاء هذا السعر (الوهمي) والذي صار حقيقة ماثلة بين الناس ويتعامل به الجميع؟ < ماهي التدابير الاقتصادية التي ينبغي أن يقوم بها الطاقم الاقتصادي في هذه الحالات؟ لتضمن الدولة معالجة الإنفلات وتضع الأمور في طريقها الصحيح؟.. ما هي الإجراءات المتبعة في مثل هذه الحالات؟ وهل تكفي مجرد (التصريحات) لوسائل الإعلام لعلاج الأزمة؟ < هل يعلم وزير الدولة للمالية أن الفرق بين القيمة في السوق الأسود والقيمة الرسمية أصبحت (شاسعة) وهي عبارة عن الرقم مضروب في إثنين – يعني الضعف تماماً – وهذا الفرق ليس من السهولة السيطرة عليه ولن تجدي معه أي محاولات لتحفيز المغتربين لتحويل مدخراتهم بالنوافذ الرسمية. < لابد من تدخلات عاجلة تقودها أعلى سلطة في الدولة لكبح (تفلت) الدولار؛ ونكرر أن ذلك لن يتم بالإجراءات البوليسية (القمعية) للمتعاملين في السوق السوداء؛ ولكن يتم ذلك عن طريق فرض إجراءات إقتصادية (سلسة) تعيد التوازن بين الصادر والوارد.. فالأنباء الواردة من بورتسودان تؤكد أن الميناء السوداني صار حزيناً وهويشهد تدفقات الوارد بينما لا أثر للصادر؛ بورتسودان حزينة لان بواخر (الوارد) تسد عين الشمس وتملأ مدّ البصر. غداً نحدّث عن بعض الأنباء المفرحة والتي قد تعيد التوازن المفقود لميزان الصادرات والورادات.