رقية أبو شوك : بصراحة الدولار حيرنا!!
أذكر بعد إجازة الموازنة للعام الجاري 2016م من البرلمان كان وزير المالية “بدر الدين محمود” قد عقد مؤتمراً صحافياً استمر أكثر من ثلاث ساعات أكد خلاله جملة من الأشياء والبشريات، وكان من ضمن البشريات حديثه عن الدولار، وزاد بأن (سياسات سيتم اتخاذها لكبح ارتفاعه وأسعار الصرف الأخرى)، وقال إن هذه السياسات ستؤتي أكلها خلال الربع الأول من الميزانية.. والربع الأول من الميزانية حسب العام هو شهر مارس الماضي، وأذكر كانت هنالك احتجاجات من قبل الصحفيين في أسئلتهم تشير إلى أن الربع الأول لسه بعيد والدولار ماشي، حينها أكد الوزير أن السياسات الخاصة بتنظيم حركة النقد الأجنبي ستبدأ من الآن وتصل قمتها (مارس) أو (أبريل)، وذهب معه في ذات الاتجاه محافظ بنك السودان المركزي “عبد الرحمن حسن عبد الرحمن” معلناً سياسات المركزي في تنظيم أسعار الصرف.
المركزي بدأ في الضخ.. ضخ في بداية الأمر (117) مليون دولار وتم حينها إيداعها في (13) مصرفاً، ثم ضخ (35) مليون درهم إماراتي لصالح استيراد الأدوية، ثم (25) مليون دولار تم توقيع عقودها للتمويل الأصغر وهي أيضاً نقد أجنبي.
نعم الدولار انخفض إبان الضخ، لكنه ليس بالانخفاض المطلوب، حيث انخفض إلى (11) جنيهاً بعد أن كان (11.2)، ثم أعلن بعد ذلك الصعود إلى أعلى بكل كبرياء وما زال يوالي الارتفاع، حيث اقترب من الـ(14) جنيهاً
إذن ما هي سياسات المالية وبنك السودان في هذا الإطار وارتفاع الدولار من أكبر معوقات المسيرة الاقتصادية؟؟ نحن ما زلنا في الانتظار!!
بالأمس ذهبت لشراء بعض من احتياجاتي واندهشت من الأسعار، وحينها قال لي أحد التجار: (معقول ما عارفة الدولار ارتفع).. نعم شماعة الأسواق والتجار الدولار.. والأسعار ترتفع وهي بالرفوف مع ارتفاع الدولار ولن تنخفض حتى ولو انخفض الدولار إلى واحد جنيه!!
والسؤال الذي يفرض نفسه: لماذا يرتفع الدولار إلى هذه الأرقام الفلكية؟؟ ومن هو الذي يحدد الأسعار بالسوق الموازي؟؟ هل تجار الموازي (يعملون) يومياً قراءة لحركة الشراء أو المتوفر من الدولار ومن ثم يحددون وفقاً لذلك الأسعار؟؟ وما هي مصادر البلاد من النقد الأجنبي؟ أهي القروض والمنح وذلك إذا استبعدنا ضعف الوارد من الدولار جراء الصادر باعتبار أن الصادرات السودانية ما زالت دون المطلوب مع ارتفاع الوارد من السلع الإستراتيجية كالقمح والسكر والأدوية؟!
فهل إن تمت زيادة الإنتاج ومزقنا فاتورة الاستيراد سيعود الدولار إلى رشده باعتبار أن الإنتاج جزء كبير منه ذهب للصادر بعد أن اكتفينا ذاتياً؟؟
نعم العملية الإنتاجية ما زالت ضعيفة، فنحن ما زلنا نستورد سنوياً قمحاً بما يعادل (500 ـ 600) مليون دولار لأن إنتاجنا من القمح لا يغطي الاستهلاك السنوي، فما دمنا ننتج فقط أكثر من (500) ألف طن بقليل مقابل مليون و(500) ألف طن وهو ما نحتاجه سنوياً فإن المعادلة تبدو صعبة للغاية.. لابد من ترقية القطاعات الإنتاجية ودعمها كالزراعة والثروة الحيوانية والصناعة التي تبنى في الأساس على الزراعة.. إذن الحل في الزراعة وزيادة الإنتاج في كل المحاصيل مع التركيز على زراعة المحاصيل ذات العائد الدولاري كالقطن مثلاً، والاتجاه إلى صناعة الأدوية محلياً وذلك حتى نقلل فجوة الاستيراد وتمزيق فاتورة استيراد الأدوية.. لابد من وضع كل هذه الأشياء في الاعتبار، فتقليل الاستيراد بعد الإنتاج يفترض أن يؤدي إلى انخفاض الدولار.. وبعد ذلك إذا لم ينخفض تكون دي حاجة تانية لا علاقة لها بعلم الاقتصاد.