اسحق الحلنقي : عندما يكون المهزوم منتصر
> قبل عدة سنوات شهد الرئيس المشير عمر حسن أحمد البشير على مسرح قاعة الصداقة الأمسية الشعرية التي أقامها المجلس الأعلى للشباب والرياضة بولاية الخرطوم بالتعاون مع مؤسسة أروقة للثقافة والفنون تحت عنوان (سحر القوافي).. التي اشتملت على مسابقة شعرية ضخمة وصل عدد الشعراء من الشباب المشاركين فيها إلى (600) شاعر.. تمكن (40) منهم من الوصول إلى منصة التتويج حيث تم تكريمهم بالتساوي، فنال كل واحد منهم (5) آلاف جنيه من القيمة الإجمالية للجائزة التي وصلت إلى (200) ألف جنيه، وهي قيمة مالية لم يصل لها كل تاريخ الإبداع في بلادي.. كانت أمسية شعرية عذبة المناهل تمكن جمالها من الوصول إلى مرتبة الشرف الجمالي بين أحداقنا، فاستحقت أن نضعها على رؤوسنا تاجاً مثل الألوان، ليت مثل هذه الليالي تعود.
> صارحني يوماً أن زوجته تصر عليه أن يعمل على إرسال والده الهرم إلى إحدى مصحات دور العجزة والمسنين وإلا فإنها ستغادر منزله غير آسفة، كنت أعلم تماماً أن قيامه بفعل كهذا سيذهب به إلى الجحيم، حيث إنه يعد عقوقاً سافراً على حقوق الوالدين، بعد أيام علمت أنه حمل والده الهرم ليضعه بيديه داخل ساقية من الأنين، حاول أن يمد لي يده مسالماً في حفل جمع بيننا، قلت له يدي سأقطعها إذا امتدت يوماً لتصافح شخصاً مثلك باع (أعز الناس) من أجل لحظة دفء يمضيها مع زوجة حسناء.
> قالت له هل يمكن لمهزوم أن يكون منتصراً في معركته؟ قال لها يمكن أن يكون ذلك في حالة واحدة فقط هو أن يكون هذا المهزوم قادراً على الانتصار، كم من حمامة رقيقة انتصرت على نمر أحبها، وكم من جبار ظالم انكسر أمام عيون هام بها، حتى سفاح (يورك شاير) انهزم خنجره أمام صبية أحب ابتسامتها، لا يمكن أن يكون الانتصار انتصاراً إلا إذا كان هناك توازناً في العلاقة، باعتبار أن الكمنجة الرقيقة لا يمكن أن تدخل في معركة ضد جنازير دبابة، ولهذا يكون انتصار الكمنجة على الجنازير مجرد انتصار محب.
> كان من أوائل الفنانين الذين تعاملت معهم الفنان وسيم الابتسامة صلاح مصطفى.. كان ذلك في يوم خريفي في منتصف الستينات.. أذكر أن اليوم كان ماطراً.. فأستجرت بشجرة ظليلة على بعد امتار من بوابة منزله، بعدها جاءني الفنان الكبير فقرأت له عدداً من قصائدي فاختار منها أغنية (مشي أمرك يا قدر) غناها صلاح بطريقة جعلت كل بيت سوداني يتمنى أن يجد من الأقدار سلاماً.
> سألني أحدهم عن أغنية كتبتها ثم أسفت على كتباتها؟ فقلت له هل هناك والد يندم على استقبال طفلة له معاقة، بل يظل يمنحها من حنانه إلى درجة لا تشعر معها بأنها تختلف عن بقية أخواتها، أو أنها لن تجد مثلهن عريساً تزف له، أو أطفالاً من حولها يلعبون، فصمت الصديق وهو ينظر لي بحزن كأنه لا يعلم أن الحزن شيئ مني، وقد أكدت الأيام أن كثير من عباقرة الإبداع عانوا من الإعاقة وتمكنوا من هزيمتها بإبداع مشهود، وعلي رأسهم الرئيس الأمريكي فرانكيلن روزفلت الذي كان لا يستطيع السير بقدميه .
هدية البستان
الدموع دايما حبايبي .. وأنت افراحك حبايبك
الزمن نفس الجراح الصابني بيها .. مصيرو صايبك
وتلقي دمعاتك حبايبك