عبد المنعم مختار : جوقة المغنواتية
< ينتابني احساس متعاظم أن (جوقة المغنواتية) الصغار يقطعون دابر التواصل الفني بغباء منقطع النظير يتسق مع طموحهم الأجوف. < ويقيني أن المسيرة الفنية منذ الحقيبة حتى جيل عصام محمد نور ماشة بطريقة صحيحة وموزونة.. ولكن هذه المسيرة «طرشقت» بسبب التكالب الأهوج لجيل اليوم الذي قطع الخط.. وانتظر أن يبيع (حولب لب) وتمسك بالقشرة والمظهر والبرستيج وزعم أن لديه جمهور يعشق صراخه ويمارس معه الغيبوبة والهستيريا بذات السذاجة نفسها. < الساحة الفنية الآن باتت تحتمل أنصاف الفنانين.. بل كل شخص يستطيع أن يفتح فمه يمكنه بكل بساطة أن يصبح فناناً له خوار طالما «الساوند سيستم» موجود. < والعنوان الثابت أننا نتفرج على جيل لا يملك الموهبة.. ولا الطموح ولكنه مستعجل أن يصبح فنان ظاهرة بلا مقومات.. أو موهبة. < يستطيع أن يحفظ ثلاث أغنيات من الحقيبة.. وثلاث أغنيات لوردي وعثمان حسين.. وإبراهيم عوض.. وبعدها يعلن عن اقتحامه للساحة الفنية بقوة.. هذه السهولة والاستسهال هي التي تشكل حجم الكارثة بكل امتياز.. < قابلت قبل فترة أحد الموسيقيين المهمومين بالفن السوداني.. وجدت قلبه يتقطع من فرط الألم والحسرة.. وباحساس زول موجوع ذكر أن الساحة خالية من الفنان الحقيقي الذي يكمل المسيرة.. وأبان أن جيل محمود عبد العزيز وعصام محمد نور هم آخر العناقيد الذين أضافوا الرحيق للأغنية السودانية.. وإنهم آخر الإضافات في محصلة الأغنية السودانية.. أما البقية التي تطفح في المرطبات والحافلات فهؤلاء لا يجيدون سوى الصراخ.. والزعيق انصاص الليالي يصادرون نوم العيون لصالح القلق والتوتر والسهر.. < وهنالك ظاهرة غريبة اسماء فنانين شباب لا نعرف حتى اسمائهم يظهرون في الفضائيات المحلية لملء الفراغ دون مقابل. يطرحون أنفسهم بطريقة ساذجة جداً… ويتلقاهم الجمهور بذات السذاجة يخرجون لحفلات الأعراس والمناسبات الاجتماعية . والعريس بالطبع يحتاج «لبوق» ليرقص المعازيم على نشازه.. وكان الله في عون العبد.. < وهنالك ظاهرة أكثر خطورة تساهم بشكل كبير في هذا التدني.. وهي أن يقوم هؤلاء «المغنواتية» لتأجير جوقة من الهتيفة ويطاردون الفنان أينما حل.. ويمارسون الهتاف المصنوع لاقناع البعض بأن هذا الفنان له شعبية جارفة.. ومادروا أنهم يخدعون أنفسهم لأن الهتاف الحقيقي هو الذي يصنع البصمة. حدثني من أثق فيه بأن هنالك «تجار فن» يملكون القدرة على صناعة الفنان عبر تمثيلية سخيفة أدوارها تكمن في أناس يتساقطون وفتاة حنساء تذهب للفنان على خشبة المسرح وتضع حول عنقه أكليل ورد.. فيتعالى الهتاف.. ويتعملق الفنان إزاء النظرة الانطباعية لجمهور ينبهر بالاحتفاء.. إنه «الغباش» الواضح للعيان. < وأخيراً نقول هولب لب.. كم في الخط!!